للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركوبه في طلب المعيشة، وقد ورد ما يعارض ذلك في حديث رواه أبو (١) داود من طريق عبد الله بن عمرو؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تركب البحر إلا حاجًّا أو معتمرًا أو غازيًا في سبيل الله ... " الحديث.

وروى عن عبد الله بن عمر أيضًا ما يناسب هذا (٢) وطعن بعضهم في صحة هذا الخبر عن ابن عمر، وقد ذكرت كراهة ركوب البحر عن مالك (٣) رحمه الله، وقسم بعض المالكية ركوب البحر على ثلاثة أقسام؛ وجعل ما كرهه مالك من الكراهة منزلًا على أضرها؛ فقال: ركوب البحر على ثلاثة أوجه:

• جائز: وهو إذا كان يعلم شأنه أنه يقدر على صلاته قائمًا ولا يميد.

• ومكروه: وهو إذا لم يتقدم له عادة بركوبه ولا يعلم إذا ركب أيميد وتتعطل صلاته أم لا؟ ويقال في هذا القسم إنه ممنوع لأن الغالب بعده عدم ذلك.

• وممنوع: وهو ما إذا كان يعلم من شأنه أنه يميد لا يقدر على أداء الصلاة لكثرة الراكب ولا يقدر على السجود (٤).

وقال مالك في سماع أشهب: إذا لم يقدر أحدكم على أن يركع أو يسجد إلا على ظهر أخيه، فلا تركبوا لحجة ولا لعمرة؛ أيركب حيث لا يصلي، ويل لمن ترك الصلاة، ويكره أيضًا إذا كان لا يقدر على الصلاة إلا جالسًا (٥).


(١) في سننه كتاب الجهاد (٣/ ١٣) برقم ٢٤٨٩ باب في ركوب البحر في الغزو.
(٢) روي عن ابن عمر مرفوعًا وموقوفًا، رواه البزار (٢/ ٢٦٥) الكشف برقم ١٦٦٨ وقال لا نعلم رواه عن نافع إلا ليث ولا عنه إلا أبو حفص.
(٣) ذكر ذلك ابن دقيق العيد في شرح الإلمام (١/ ٢٠٤) عن بعض شراح التفريع للجلاب ونصه قال مالك يكره ركوب البحر بما يدخل على الإنسان من نقص في صلاته وغير ذلك.
(٤) ونقل هذا الكلام بحروفه ابن رسلان في شرح سنن أبي داود (٢/ ٦٢٥).
(٥) شرح الإلمام (١/ ١٩٨ - ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>