للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي أبو (١) الوليد الباجي: وقوله فإن توضأنا به عطشنا؛ دليل على أن العطش له تأثير في ترك استعمال الماء المعد للشرب، ولذلك أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على التعلق به.

وقال الحافظ أبو (٢) عمر: وفي هذا الحديث أيضًا من الفقه أن المسافر إذا لم يكن معه من الماء إلا ما يكفيه لشربه وما لا غنى به عنه لشفقته [ولا فضل فيه يغني عن سقيه أنه لا يتوضأ به] (٣)؛ لأنه جائز له التيمم ويترك ذلك الماء لنفسه هذا إذا لم يطمع بماء وخشي هلاك نفسه، انتهى.

وقال غيره: إذا خاف العطش فما هو العطش المعتبر في ذلك اللفظ تعليقه بمطلق العطش.

والشافعية رحمهم الله أو من قال منهم يعتبرون هذه الحالة بحالة المرض المبيح للتيمم باعتبار الخوف، فينظر هل يكون الخوف من التلف لنفس أو عضوًا أو منفعة أو زيادة المرض أو تأخر البرء أو بقاء شين في عضو ظاهر، فإذا قسناه بذلك اقتضى تقييدًا في العطش واحتاج إلى دليل ولعلة القياس (٤)، وقد يؤخذ منه أن المتوقع من خوف العطش كالواقع والمظنون كالمعلوم؛ لأن قوله: عطشنا يحتمل الحال والاستقبال والحكم بوقوع العطش يحتمل العلم والظن فأجابهم من غير استفصال وترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة العموم في المقال (٥).


(١) المنتقى (١/ ٥٥).
(٢) التمهيد (١٦/ ٢٢٣) مع بعض الاختلاف.
(٣) هذه الجملة ليست من كلام ابن عبد البر.
(٤) المهذب مع المجموع (٢/ ٢٨٢ - ٢٨٦)، المجموع (٢/ ٢٤٥)، روضة الطالبين (١/ ١٠٠، ١٠٣)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (١/ ٧١).
(٥) شرح الإلمام (١/ ٢٠٥) وانظر البرهان للجويني (١/ ٣٤٥)، إحكام الأحكام للآمدي (١/ ١٦١)، المستصفى (٢/ ٦٨)، المحصول (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>