للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذكره مالك (١) في "موطئه" عن أبي طلحة يدل على أن المنسوخ هو الوضوء مما مست النار؛ لأن أبا طلحة يروي الوضوء من ذلك عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وكان لا يتوضأ؛ فدل ذلك على أنه المنسوخ عنده، لأنه لم يكن يأخذ بالمنسوخ ويدع الناسخ، وقد علمه" (٣). وهذا من مذهب أبي طلحة مخالف لما ذكره الحازمي (٤) عنه في الباب السابق، وهو أولى بالصواب إن شاء الله تعالى، وإنّما شبه على من يزعم ذلك مذهبًا لأبي طلحة بروايته فيه.

وقد روي عنه بسند جيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "توضؤوا مما مست النار" (٥). وأما الرواية التي قدمناها من طريقه عمن أخذ الحسن الوضوء مما مست النار فقال: أخذه عن أنس، وأخذه أنس عن أبي طلحة، وأخذه أبو طلحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فلعل المراد هناك عمن أخذ الرواية في ذلك لا العمل به، يدل على ذلك ما روى مالك (٦) عن موسى بن عقبة، عن عبد الرحمن بن زيد الأنصاري، عن أنس: أن أبا طلحة وأبي بن كعب أنكرا عليه الوضوء مما غيرت النار، فلو كان هذا ثابت عند أبي طلحة غير منسوخ لم ينكر عن أنس العمل به.

قال أبو (٧) عمر: "وقد روي عن أنس أنه لم يكن يتوضأ للطعام من وضوءه للصلاة. ذكر العقيلي: ثنا أحمد بن محمد النوفلي: أبنا الحسين بن الحسن المروزي:


(١) الموطأ (١/ ٢٧).
(٢) وقد تقدم.
(٣) التمهيد (٣/ ٣٣٨ - ٣٣٩).
(٤) الاعتبار (٩٧).
(٥) وقد سبق.
(٦) الموطأ (١/ ٢٧ - ٢٨) برقم ٢٦.
(٧) التمهيد (٣/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>