أما تضعيف عبد الحق لحديث العمري هذا فصحيح، وأما قول ابن القطان: وأصوب منه أن يقال فيما لا عيب له إلا العمري أنَّه حسن؛ فصحيح أيضًا. وذلك أن الترمذي قال: إنما روى هذا الحديث عبد الله بن عمر، فأشار إلى تفرده به، وكذلك هو عند الإمام أحمد، وعند أبي بكر بن أبي شيبة، وعند من ذكرنا من مخرجيه. ولم نجده عن غيره، ولا متابع له عليه ولا شاهد له من خارج. فالحديث معلول بعلتين:
الأولى: العمري، وقصرت به عن درجة الصحيح.
والثانية: التفرد وعدم المتابعات الَّذي أشرنا إليه، وقصر ذلك به عن درجة الحسن، كما تقدمت الإشارة إليه.
وفي هذا الحديث أن أم سلمة قالت: هل على المرأة ترى ذلك من غسل؟ ... الحديث.
والمعروف أن ذلك من قول أم سليم بنت ملحان، وأن أم سلمة أنكرت ذلك عليها وقالت: أو تحتلم المرأة؟
وفي بعض الطرق: فضحت النساء.
ويبعد أن تسأل أم سلمة عن أمر، ثم تنكر على غيرها السؤال عنه، أو أن تسأل عنه بعد المعرفة به، وكما ذكرنا هو منسوب إلى أم سليم في "موطأ مالك" وكتب الصحيح، وعند أبي داود وغيرهم، ومن الجائز أن تكون أم سلمة اشتغلت بإنكارها على أم سليم عن سماع الجواب عن ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم بعد العلم بإباحة ذلك، ووقوع ما وقع مما قد يستحيا منه استثبتت النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحكم، ونقلته عنه، فروي ذلك عنهما معًا، وسيأتي لهذا مزيد بيان في بابه