وروينا من طريق الدارمي بالسند المذكور قبل هذا: أنا أبو الوليد الطيالسي أنا شعبة عن عطاء الخراساني قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سألت خالتي خولة بنت حكيم السلمية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة تحتلم فأمرها أن تغتسل. عطاء الخراساني أخرج له مسلم في "صحيحه" ووثقه يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي، وتكلم فيه غيرهما. ففي هذا أن السائلة خولة، وهو قريب لاحتمال تعدد الواقعة، وإنما استُبْعد سؤال أم سلمة لما ثبت في الصحيح من إنكارها على من سأل. وقوله في النساء: "إنما هن شقائق الرجال"، قد ذكره أبو بكر البزار بإسناد أجود من هذا، قال: ثنا عمر بن الخطاب نا محمد بن كثير نا الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: جاءت أم سليم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت: يا رسول الله! المرأة ترى ما يرى الرجل في المنام! فقالت أم سلمة: فضحت النساء يا أم سليم! فقال: "إذا رأت ذلك فلتغتسل"، فقالت أم سلمة: وهل للنساء من ماء؟ قال: "نعم، إنما هن شقائق الرجال". وقد روي أن المنكرة على أم سليم ذلك عائشة؛ روى مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير: أن أم سليم قالت: يا رسول الله! المرأة ترى في المنام مثلما يرى الرجل، أتغتسل؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فلتغتسل"، فقالت لها عائشة: أفٍ لك، وهل ترى ذلك المرأة؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تربت يمينك، ومن أين يكون الشبه"؟. ذكر أبو عمر أنَّه يختلف على مالك في وصله، وكذلك عن ابن شهاب، قال: ومن وصله عن ابن شهاب من أصحابه، فإنما رواه عنه عن عروة عن عائشة. وكذلك رواه مسافع الحجبي عن عروة عن عائشة. وعندي أنَّه موصول من الجهتين سواء قال راويه: عن ابن شهاب أو عن مالك عنه عن عروة عن عائشة. أو عن عروة عن أم سليم، وساقه كما أوردناه؛ لأن قول عروة عن عائشة في أثناء الحديث؛ فقالت عائشة: أفٍ لك، وجواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة عن إنكارها ذلك، كله من رواية عروة عن عائشة، فالخبر كله () (أ) لما يقتضيه ضرورة تمام الكلام، لأن بعضه آخذ بأطراف بعض، والرواية المحققة لآخر الحديث تستدعي الإخبار عن أوله.