للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الاحتلام، فقال ابن سيده: والحلم والاحتلام الجماع ونحوه في النوم، والاسم الحلم، يعني مضموم الحاء واللام، وفعله حلم مفتوح اللام، وفي التنزيل: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُم}، ثم قال: والحِلم الأناة، والعقل وجمعه أحلام وحلوم، وفي التنزيل: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا}.


وقد رواه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة: أنها قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة ... الحديث. وكذلك رواه ساثر من رواه عن هشام بن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة: لا عن عروة عن عائشة.
وهو الصحيح عندهم أنَّه لعروة عن زينب عن أمها لا عن عائشة.
وقد رويت قصة أم سليم هذه من حديث أنس؛ ذكر ابن أبي شيبة [المصنف (١/ ٧٩)]. ثنا يزيد بن هارون قال: أنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس: أن أم سليم سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة [المصنف (١/ ٨٠)]. ثنا محمد بن بشر العبدي قال: ثا عبد الله بن عامر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاءت امرأة يقال لها: بسرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقالت: يا رسول الله! إحدانا ترى أنها يجامعها زوجها في المنام، فقال: "إذا وجدتِ بللًا فاغتسلي يا بسرة".
قوله. (ولا يذكر احتلامًا) قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله: الاحتلام رؤية الحلم في النوم، وهو الماء الَّذي يخرج من الرجل فيدل على كمال حلمه وعقله. انتهى كلامه.
والاعتراض عليه من وجوه خمسة:
الأول: أن رؤية الشيء غير الشيء فاقتضى ذلك أن الاحتلام غير الحلم، وليس كذلك.
الثاني: لو نقح هذه العبارة، وأتى بها على الصواب، فقال: الاحتلام هو الحلم، فكاد تعسيرًا مستغنى عنه، إذ من المعلوم أن الاحتلام افتعال من الحلم كغيره من الأبنية.
الثالث: تفسيره الحلم بالماء الَّذي يخرج من الرجل تفسير غير مطابق لما سنذكره عن أهل اللغة، ولفظ الحديث يرد عليه؛ لأنه تضمن السؤل عن الرجل يجد البلل ولا يذكر الاحتلام، فهذا يقتضي ... موجودًا واحدًا، وهما شيئان، وتفسير الاحتلام بالماء نفسه يقتضي حقيقة واحدة.
الرابع: تخصيصه ذلك بالرجل، وإنما هو مما يشترك فيه الرجل والمرأة.
الخامس: قوله: فيدل على كمال حلمه، فيه أخد الحلم -مضموم الحاء- من الحلم ... ، ولم تجمع بينهما بنية ولا معنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>