للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيب قال: إذا أراد الجنب أن يأكل غسل يديه ومضمض فاه (١).

وعن مجاهد في الجنب يأكل، قال: يغسل يديه ويأكل (٢).

وعن الزهري مثله (٣)، وإليه ذهب أحمد قال (٤): لأن الأحاديث في الوضوء لمن أراد النوم، وبلغني أنّ شعبة ترك هذا الحكم بأخرة، فلم يحدث به فيمن أراد أن يطعم، وذلك أنّه ليس يقوله غيره، إنّما هو في النوم.

وأما المذهب الثالث: وهو حمل ذلك على الندب فيهما، فيرى من ذهب إليه أن الوضوء ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاء أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو جنب من غير أن يمسّ ماءً، وهو صحيح أيضًا من حيث الإسناد، فيحمل الفعل على الندب، والترك لبيان الجواز، وهو أحد التأويلين لحديث: "ينام وهو جنب من غير أن يمسّ ماء".

فقال ابن (٥) سريج: وتبعه البيهقي (٦): أن المراد بقوله: "من غير أن يمسّ ماءً"؛ من غير أن يمسّ ماء للغسل، وقال غيرهما: وهو أيضًا حسن، كان - عليه السلام - يفعل ذلك للأفضلية، ويتركه في بعض الأحيان لبيان الجواز، إذ لو واظب عليه لتوهم وجوبه (٧)، ولا يحسن إلغاء حديث أبي إسحاق بمجرد الظنّ؛ فالخطأ فيه ليس محققًا، وليس فيه أكثر من ترجيح اقتضاه النظر لمعارضه عليه، ولا يلزم من ذلك بطلانه، ولا يحسن رده إذا وجد له محمل.


(١) المصنف (١/ ٦١).
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) انظر الإمام (٣/ ٩٢) والاستذكار (٣/ ٩٩).
(٥) انظر السنن الكبرى للبيهقي (١/ ٢٠٢).
(٦) المصدر السابق.
(٧) انظر الاستذكار (٣/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>