للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى هاتين الوسيلتين لحفظ الوحي المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد سمى ذَلِكَ (الكتاب)، قالَ الله تعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (١)، للدلالة على أنه سوف يكتب في السطور، كما سماه (قرآنًا) للتدليل على أنه سوف يحفظ في الصدور، تعبدًا بتلاوته، وتقربًا لله تعالى بحفظه، قد الله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} (٢) ومصداق ذلك الكثرة الكاثرة من الذين يحفظون القرآن الكريم كاملًا، بل إنه ما من مسلم إلا ويحفظ شيئًا من القرآن الكريم.

وكذلك الحال بالنسبة للسنة النبوية، فقد سلك الصحابة - رضوان الله عليهم - الوسيلتين لحفظهما، وحثهم على ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: انضر الله امرء سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها، فرب مبلّغ أوعى من سامع، ورب حامل علم إلى من هو أعلم منه" (٣) فأشار - صلى الله عليه وسلم - بذلك إلى أهمية حفظ الصدور، أما الكتابة، فقد ثبتت عن الكثير من الصحابة حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ كتبة للوحي، إضافة إلى أن الكثير من الصحابة كانوا يكتبون لأنفسهم، فقد ثبت أن عبد الله عمرو - رضي الله عنه - كان يكتب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثه، فقال له بعض الصحابة: لا تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه بشر يفرح ويغضب، فربما كتبت عنه ما ليس بوحي، فأخبر عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -


(١) البقرة: ١
(٢) العنكبوت: ٤٩
(٣) أخرجه الحميدي (٨٨)، وأحمد ١/ ٤٣٦، وابن ماجه (٢٣٢)، والترمذي (٢٦٥٧)، وأبو يعلى (٥١٢٦) و (٥٢٩٦)، والشاشى (٢٧٥) و (٢٧٦)، وابن حبان (٦٦) و (٦٨) و (٦٩).