وكتب السؤالات التي وجهت للإمام أحمد، وتواريخ البخاري، ومصنفات ابن أبي حاتم، وثقات ابن حبان وابن شاهين، ومؤلفات الدارقطني وغيرها الكثير الكثير.
ولما كان كلام أئمة الجرح والتعديل متناثرًا في كتبهم تلفُهُ طويات صفحاتها كان أمر جمع أقوال النقاد في كل راوٍ على حدة حلمًا ساور الكثير من المصنفين إلى أن جاء الحافظ الكبير عبد الغني ابن عبد الواحد الجماعيلي المقدسي الحنبلي (٥٤٤ - ٦٠٠ هـ) فصنف سفره العظيم: "الكمال في أسماء الرجال" فكان بحق كتابًا نافعًا ماتعًا، ويكفيك للدلالة على علو كعب هذا الكتاب إقدام المزي على تهذيبه.
وقد تناول الحافظ عبد الغني في كتابه هذا رجال الكتب الستة من خلال بيان أسمائهم وما قيل فيها من اختلاف وبيان شيوخهم وتلامذتهم، وما قيل في كلٍ منهم من جرح وتعديل، وما عرف من وفيات أكثرهم. ومع حرصه الشديد على الشمول والاستقصاء، فقد فاته بعض الرواة الذين لم يقص عليهم، فشاب -وما شأن- كتابه شيء من النقص، كان بحاجة إلى إكمال.
فقيض الله تعالى لهذا العمل العظيم رجله بحق الإمام الحافظ أبا الحجاج المزي (٦٥٤ - ٧٤٢ هـ) فعمل على تهذيب كتاب الكمال طلبًا لاختصاره وأضاف تراجم كثير من الرواة الذين فات الحافظ عبد الغني ذكرهم طلبًا للاستيفاء، وحذف منه وأضاف له، وسمّاه: تهذيب الكمال في أسماء الرجال" فكان بحق كمالًا للكمال، ومكملًا لفوائد اقتضاها الحال.
ومن الناس من يظن أن عمل الحافظ المزي إنما هو اختصار للكمال، وهو خطأ لطالما سمعناه من كثير من المشايخ، والذي يظهر أن التهذيب هنا بمعنى: التصحيح والاستدراك.