للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وافر من التلامذة الذين حدثوا عنه، وكثير منهم لم يكن له إلا راوٍ واحد، فوصف أحد من الأئمة لأحد هؤلاء الرواة ب (الجهالة) لا يقدح في اشتراطنا: عدم ثبوت ما يترك حديثه لأجله.

وهذا المنحى من الحافظ قائم على أساس تصحيحه لاختيار أبي الحسن القطان في أن من زكاه أحد من أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه قُبلَ وإلا فلا (١). خلافًا للقاعدة المشهورة عند جمهور المحدثين في اشتراط راويين لرفع الجهالة (٢) فإذا انتفى التعديل عدنا بالراوي إلى الأصل فيه وهو جهالته، وقد نص الحافظ على هذا، فقال في مقدمة التقريب: ((التاسعة: مَن لم يروِ عنه غير واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: مجهول)) (٣)، فتعديل واحد من النقاد لهؤلاء "الوحدان" -كما هو معروف في اصطلاح أهل الحديث- قائم عند الحافظ مقام الراوي الثاني، المشترط عند الجمهور في رفع الجهالة.

فإذا علمنا هذا وجب علينا أن نجعل اصطلاح الحافظ نصب أعيننا إذا ما رمنا تعقبه، وكذلك الحال مع كل إمام له اصطلاح على أمر خاص به، ولا يصح بحال من الأحوال محاكمته إلى غيرها، وان كانت قواعد مشهورة قال بها الجمهور، وإلا كان هذا من باب المشاحة في الاصطلاح، وهي مسألة غير مقبولة عند الجميع.


(١) أنظر: بيان الوهم والإيهام (٤/ ١٣٩ و ٢٨٥)، تدريب الراوي (١/ ٣١٧) وشرح ألفية العراقي في الحديث للسيوطي (ص ٢٤٥).
(٢) أنظر: الكفاية (ص ١٥٠).
(٣) تقريب التهذيب (١/ ٢٥).