للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مناهر (١) خيبر. وأقبلت اليهود وأقبل الحارث أبو زينب، فخرجت إليه امرأته فقالت: خرج القوم الآن. فخرج الحارث في ثلاثة آلاف في آثارنا، يطلبوننا بالنيران في شعل السعف، ولربما وطئوا في النهر، فنحن في بطنه وهم على ظهره فلا يرونا، فلما أرعبوا في الطلب فلم يروا شيئًا رجعوا إلى امرأته فقالوا لها: هل تعرفين منهم احدًا؟ قالت: سمعت منهم كلام عبد الله بن عتيك، فإن كان في بلادنا هذه فهو معهم. فكروا الطلب الثانية، قال القوم فيما بينهم: لو أن بعضنا أتاهم فنظر هل مات الرجل أم لا. فخرج الأسود بن خزاعي حتى دخل مع القوم وتشبه بهم؛ فجعل في يده شعلةً كشعلهم حتى كر القوم الثانية إلى القصر وكرّ معهم، ويجد الدار قد شحنت (٢). قال: فأقبلوا جميعًا ينظرون إلى أبي رافع ما فعل. قال: فأقبلت امرأته معها شعلة من نار ثم أحنت عليه تنظر أحي أَم ميت هو، فقالت: فاظ (٣) وإله موسى! قال: ثم كرهتُ أن أرجع إلا بأمرٍ بيّنٍ، قال: فدخلت الثانية معهم، فإذا الرجل لا يتحرك منه عرق. قال: فخرجت اليهود في صيحةٍ واحدة، قال: وأخذوا في جهازه يدفنوه. قال: وخرجت معهم وقد أَبطات على أصحابي بعض الإبطاء. قال: فانحدرت عليهم في النهر فخبرتهم، فمكثنا في مكاننا يومين حتى سكن عنا الطلب، ثم خرجنا مقبلين إلى المدينة، كلنا يدعى قتله، فقدمنا على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو على المنبر، فلما رآنا قال: ((أَفلحت الوجوه))! فقلنا: أفلح وجهك يا رسول الله! قال: ((أقتلتموه؟)) قلنا: نعم، وكلنا يدعي قتله. قال: ((عجلوا عليَّ بأسيافكم)). فأتينا بأسيافنا ثم قال: ((هذا قتله))، هذا أثر الطعام في سيف عبد الله بن أُنيس. قال: وكان ابن أبي


(١) مناهر: جمع منهر: وهو خرق في الحصن نافذٌ يدخل فيه الماء. انظر: النهاية/ لابن الأثير ٤/ ٣٦٦.
(٢) شحنت: ملئت. انظر: المعجم الوسيط ١/ ٤٧٤.
(٣) فاظ: مات ويقال فاظت نفسه وروحهُ. انظر: المعجم الوسيط ١/ ٧٠٨.