للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أغلقوا بيوت القرية كلها حتى انتهوا إلى عجلة (١) عند قصر سلام. قال: فصعدنا وقدمنا عبد الله بن عتيك لأنه كان يرطن (٢) باليهودية، ثم استفتحوا على أبي رافع فجاءَت امرأته فقالت: ما شأنك؟ فقال عبد الله بن عتيك ورطن باليهودية: جئت أبا رافع بهدية. ففتحت له فلما رأت السلاح أرادت تصيح. قال عبد الله بن أُنيس: وازدحمنا على الباب أينا يبدر إليه، فأرادت أن تصيح. قال: فأشرتُ إليها السيف. قال: وأنا أكره أن يسبقني أصحابي إليه. قال: فسكنت ساعة. قال: ثم قلت لها: أين أبو رافع؟ وإلا ضريتك بالسيف! فقالت: هو ذاك في البيت. فدخلنا عليه فما عرفناه إلا ببياضه كأنه قطنة ملقاة فعلوناه بأسيافنا فصاحت امرأته، فهم بعضنا أن يخرج إليها ثم ذكرنا أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهانا عن قتل النساء. قال: فلما انتهينا جعل سَمْك (٣) البيت يقصر علينا، وجعلت سيوفنا ترجع.

قال ابن أُنيس: وكنت رجلًا أعشى أُبصر بالليل إلا بصرًا ضعيفًا. قال: فتأملته كأنه قمر. قال: فأتكئ بسيفي على بطنه حتى سمعت خشة في الفراش وعرفت أنه قد قضى. قال: وجعل القوم يضربونه جميعًا، ثم نزلنا ونسى أبو قتادة قوسه فذكرها بعد ما نزل، فقال أصحابه دع القوس. فأبى فرجع فأخذ قوسه، وانفكت رجله فاحتملوه بينهم، فصاحت امرأته فتصايح أهل الدار بعد ما قُتل. فلم تفتح أَهل البيوت عن أنفسهم ليلًا طويلًا، واختبأ القوم في بعض


(١) العجلة: هو أن ينقر الجذع ويجعل فيه مثل الدرج ليصعد فيه إلى القرف وغيرها. انظر: النهاية/ لابن الأثير ٣/ ١٨٦.
(٢) يرطن: تكلم بكلام لا يفهموه (تكلم بلغته). انظر: المعجم الوسيط ١/ ٣٥٢.
(٣) سمك: حائط كان أو سقفًا. انظر: المعجم الوسيط ١/ ٤٥٠، والنهاية/ لابن الأثير ٢/ ٤٠٣.