تعالى:{إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}، وهذا أيضا يقتضي أنها للعموم، فإن هذه الآية الثانية جرت مجرى الاستثناء ولولا تقرير السؤال وحصول الاندراج لما احتيج إلى صرف اللفظ عمن سبقت له الحسنى.
وإذا تقرر أن صيغة (ما) للعموم، تقرر في الجميع لوجهين:
الأول: أنا نعلم بالضرورة حصول المساواة بين لفظ (ما) وبين بقية صيغ العموم في الفهم عند السماع.
الثاني: أنه لا قائل بالفرق، فكل من قال: إن (ما) للعموم، قال: إن/ بقية الصيغ للعموم، نحو:(من) وما يجري مجراها، ومن قال: إن غير (ما) ليس للعموم، أو مشتركة، قال: إن (ما) كذلك، فالقول بأن (ما) وحدها للعموم لم يقل به أحد، فوجب أن يكون باطلا.
فإن قلت: الصحيح عند النحاة أن (ما) لما لا يعقل، فيكون سؤال ابن الزبعري باطلا؛ لأن من ذكره من العقلاء.
قلت: الخطاب كان مع العرب، وكان منهم نصارى عبدة المسيح، ومنهم عبدة الملائكة، ولما كانت العرب لا كتابة لها، كانت كل فرقة منها تدين بدين من يجاورها، فمنهم يهود، ومنهم نصارى، ومنهم عبدة الكواكب،