إلى غير ذلك من الفرق الدهرية وغيرها، ولما قصد خطابهم على العموم فلابد أن يقصد لمعبوداتهم على العموم، وقد تقدم في سرد صيغ العموم في الموصولات أن العرب إذا قصدت التعبير عن الأمور العامة والأجناس العالية، أنها إنما تأتي بـ (ما) دون (من)، قال الله تعالى:{أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء}، ولم يقل: من خلق الله، وتقول: كل ما خلق الله ممكن، إذا أردت العموم، ولا تقول: من وكل ما في العالم مفتقر لقدرة الله تعالى، مريدا للعموم، ولو قلت:(من) لم يحصل العموم، والسر في ذلك أن المفهوم العام لا يتناول الخاص ولا يستلزمه، فمفهوم الجنس لا يستلزم الحيوان، ومفهوم الحيوان لا يستلزم الإنسان، وكذلك كل معنى أعم لا يستلزم ما تحته، فإذا أشير إلى المخلوق من حيث هو مخلوق لم يكن هذا المفهوم مستلزما لمن يعقل، وكذلك إذا أشير إلى المعبود من حيث هو معبود؛ لأنه أعم من المعبود العاقل، فلم يستلزمه، وإذا لم يستلزمه لم يدخل مفهوم العاقل في العموم المراد من حيث هوهو، وإذا لم يدخل العاقل تعين