وأما من جهة المعقول: فلأن المدلول المطابقي أقوى من المدلول التزاما، والمقتضى لثبوت الحكم فيه أرجح من المقتضى لثبوت الحكم في المدلول/ التزاما، فإذا جوزنا في النية أن نصرف اللفظ عما دلت عليه مطابقة مع قوة الدلالة على ثبوت الحكم هنالك، فأولى أن نصرفه عما دلت عليه التزاما بطريق الأولى، لضعف الدلالة، ولأن النية صفة مخصصة لأحد طرفي الجائز على الآخر، وهذا (هو) حكم ثابت لها لذاتها، فمن ادعى تأخر ذلك عنها في صورة من الصور فعليه الدليل، فإن الأصل بقاء أحكام المعاني والصفات على ما هي عليه.
وأما قولهم:(إن الأمور الخارجية من المفعول به يقاس على المفعول فيه) فهو باطل من وجهين.
الأول: أنا نمنع الحكم في الأصل، فإن عندنا وعند الشافعية يجوز دخول التخصيص في الأزمنة والبقاع، وله أن ينوي زمانا معينا، وبقعة معينة، ويلغي غيرها في حكم يمينه، وما عملت في ذلك خلافا في المذهبين.
سلمنا امتناع الحكم في الظرفين، والفرق: أن الظرفين لازمين للفعل قطعا، لتعذر حصول الفعل لا في زمان ولا في مكان، أما المفعول به فقد يوجد مع الفعل إن كان متعديا، ولا يوجد إن كان قاصرا، حينئذ المفعول به