إنما يلزم النوع، والظرفان يلزمان الجنس، ولازم الجنس أقوى من اللزوم من لازم النوع؛ لأنه لازم للنوع أيضا، وإذا كان المفعول فيه أقوى في اللزوم كان التقاضي له أشد، فصرفه بالنية (يكون) أبعد، فهذا فرق يبطل به ما ذكره من القياس.
ثم ينتقض جميع ما ذكروه بما وقع الاتفاق عليه، وهو ما إذا قال: والله لا أكلت أكلا، أنه يصح دخول نية التخصيص فيه، مع أن (أكلا) مصدر، والمصدر إنما يذكر مع الفعل مؤكدا له؛ لأنه مذكور أولا بلفظ الفعل، وشأن المؤكد إنما يثبت معه يكون ثابتا قبله، وإذا ثبت معه جواز التخصيص بالنية اتفاقا وجب أن يكون ذلك قبله، فقد انتقض ما ذكروه من الدليل بهذه الصورة.
وأجاب الإمام فخر الدين عن هذا النقض بأن قوله:(أكلا) - في الحقيقة- ليس مصدرا؛ لأنه يفيد أكلا/ واحدا منكرا، والمصدر ماهية الأكل، وقيد كونه منكرا خارج عن الماهية، والذي يكون معينا في نفسه، لكن الإنسان ما عينه، فلاشك أنه قابل للتعيين، فإن نوي التعيين فقد نوى ما يحتمله الملفوظ.
قلت: وهذا الجواب ضعيف، فإن النحاة أجمعوا على أنه مصدر، وقوله:(ليس مصدرا في الحقيقة) يشير إلى أنه أراد به مفعولا به، وهذا خلاف نص النحاة، وخلاف الظاهر، بل هذا مصدر مؤكدا ليس إلا، والمفعول به ليس