ملفوظا به ألبتة، ولا فردا من أفراده، ويحصل من ذلك أن ما قاس عليه الشافعي والمالكي وهو النطق بالمصدر قياس صحيح، وما قاس عليه الحنفي وهو ظرف الزمان والمكان ليس بصحيح؛ لأن الحكم (فيه ليس) بثابت عند المنازع، فيتجه مذهب الجماعة أكثر من مذهب أبي حنيفة، رحمة الله عليهم أجمعين.
قلت: والذي عندي في هذه المسألة أن الفعل المذكور عام في أفراد المصادر، مطلق في المفاعيل، وقد تقدمت قاعدة وهي: أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال والأزمنة والبقاع والمتعلقات، والمفاعيل من جملة المتعلقات، فيكون اللفظ مطلقا فيها، وشأن المطلق أن يتأدى حمله بكل فرد منه، ما لم يلحقه التقييد كما لو قال: والله لأكرمن رجلا، أو: لأعتقن رقبة، فإنه يخرج من العهدة بأي رجل كان، وأي رقبة كانت، فإن نوى في يمينه رجلا معينا، أو رقبة معينة، اختص الحكم بها دون غيرها.
هذا هو شأن المطلقات، وكذلك هاهنا متعلق قوله:(لا آكل) مطلق، فإن لم يكن له نية حنث بأي مأكول أكله، فإن نوى مأكولا معينا لم يحنث بغيره، وتكون هذه النية مقيدة لهذا المطلق، فإنه ينوي لحما و (مأكول) مطلق وتعيينه في اللحم تقييد له، كتقييد الرقبة بالإيمان، فعلى هذا تكون هذه المسألة مع الحنفية في تقييد المطلق هل يجوز في غير الملفوظ فيما دل اللفظ عليه التزاما أم لا؟ وليست في أن اللفظ عام/ أم لا؟ ويكون التقدير والجواب ما تقدم.