لفظ العموم لا يدل على وجود أفراده، امتنع أن يكون دالا على أحوالهم التي هي تابعة للوجود، فإن عدم الدلالة على المتبوع يستلزم عدم الدلالة على التابع، كما أن عدم المتبوع يستلزم عدم التابع.
وكذلك القول في البقاع، والأزمان، فإن لفظ (المشركين) لا يدل على مدينة خاصة، ولا جميع مدائنهم على الخصوص، وكذلك لا يدل على زمان معين، فقد يوجدون في ذلك الزمان دون هذا، وفي هذا دون ذاك، فإن الدلالة إذا انتفت عن أصل الوجود، انتفت عن تعيين زمان الوجود ومكانه بطريق الأولى.
وكذلك المتعلقات، وهي ما به أشركوا، فلا يدل لفظ (المشركين) على وقوع الشرك بالكواكب مثلا، أو بالبقر، أو بغير ذلك مما يقع الشرك به، بل إذا سمعنا (المشركين) أمكن أن يكونوا كلهم أشركوا بالأصنام أو كلهم أشركوا بالكواكب، وغير ذلك مما يقع به الشرك، فإن اللفظ إذ لم يدل على أصل الوجود، لم يدل على وجود الشرك بشيء، لا بالمطابقة، ولا بالتضمن، ولا بالالتزام، فتبقى الدلالة مطلقا، وإن كان الواقع أن الشرك وقع من المشركين/ على وجه الأرض بالأصنام والكواكب وغير ذلك، لكنك قد علمت أنه لا يلزم من كون الواقع شيئا أن يكون اللفظ يدل عليه، والبحث إنما هو في دلالة اللفظ من حيث هو لفظ دال. (١٤١/ ب)
وإذا تقرر عدم دلالة اللفظ على حالة معينة، وزمان معين، ومكان معين، ومتعلق معين، فنحن نعلم بالضرورة أن المشرك لا يقتل إلا في زمان، ومكان، وحال، وقد يكون شركه واقع بشيء من الأشياء، فيكون اللفظ دالا على قتل كل مشرك في مطلق الحال، ومطلق الزمان، ومطلق المكان، ومطلق المتعلق،