وثانيهما: أن يريد النوعين من حيث خصوص من يعقل بما هو عاقل، وخصوص ما لا يعقل من حيث هو عاقل، فيتعين التعبير عنهما بلفظ "من"؛ لأن القاعدة العربية: أن المتكلم إذا أراد من يعقل وما لا يعقل بالحكم الذي سيق الكلام لأجله، تعين التغليب لمن يعقل على ما لا يعقل، ويكون التعبير بلفظ "من" لأجل التغليب، كأنهم كلهم عقلاء.
ورابعها: أن تريد العموم وتريد النوعين لا بخصوصهما، بل تقصد استيعاب كل فرد من المخلوقات من حيث هي مخلوقات، أو الأجسام من حيث هي أجسام، فهذه الحالة التي يحصل فيها العموم ويتعين التعبير بلفظ "ما"، وهو المراد بقولنا: كل ما في خلق الله تعالى ومن آثار قدرته، ونحو ذلك، فيندرج/ العقلاء لا من حيث هم من تلك الجهات العامة. (١٤٣/ أ)
إذا تقرر ذلك، اتضح أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال، بسبب أن العام في الأشخاص لو كان عاما في الأحوال لكان شاملا لحالة العقل وحالة ضدها، وعلى هذا كان يتعين التعبير بلفظ "من"؛ لأجل قاعدة التغليب، والقول بالعموم في الأحوال يقتضي اجتماع من يعقل وما لا يعقل، فيتعين التغليب والتعبير بلفظ "من"، وحيث كان الواقع المنقول هو التعبير بلفظ "ما"، دل ذلك على عدم العموم في الأحوال وهذا متجه أيضا.
وإذا اتضح لك ذلك في الأحوال، اتضح أيضا في الأزمنة والبقاع والمتعلقات، ويكون معنى قوله تعالى:{فاقتلوا المشركين}، أي اقتلوا كل مشرك في حالة ما، ويكون شركه شيئا ما، على نحو ما.
الثالث: الدال على هذا المطلوب، هو أن اللفظ قد دل على قتل كل