أنهم مستقرون في الأرحام، لا من جهة أنهم عقلاء، وهذه الجهة أعم، والأعم لا يستلزم الأخص، فلم يندرج العاقل فيها من حيث إنه عاقل، بل من حيث إنه مستقر، وهو من هذه الجهة غير عاقل، فكان المتعين التعبير بلفظ "ما"، دون لفظ "من"، وقاتل الله تعالى:{يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد}، فأتى بلفظ "ما" دون لفظ "من"، بسبب أن حمل الأنثى أعم، والأعم لا يستلزم الأخص، وهو كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب، لا يأتي فيه إلا لفظ "ما"، دون لفظ "من"، وتقول: كل ما سوى الله تعالى محدث، وكل ما سوى الله محتاج إليه، ونحو ذلك من العبارات ولا يأتي بلفظ "من" ألبتة، وإن كنت تريد العموم الذي اندرج فيه العقلاء.
إذا تقررت هذه القاعدة، فنقول لك: في هذه المعاني العامة أربعة أحوال:
أحدهما: أن يريد أحد نوعيها، وهو من يعقل خاصة، فيتعين لفظ "من"