للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى ممكن، وأنت تريد العموم في جميع المخلوقات، بل تقول: كل ما خلقه الله تعالى ممكن، وتقول: ما في الوجود شاهد بوجود الله تعالى وصفاته العلا، ولا تقول: كل من، وأنت تريد الاستيعاب الذي أراده الشاعر في قوله:

وفي كل شيء له آية .... تدل على أنه واحد

فلو أردت أن تضع موضع (كل شيء) "ما"، أو "من"، كان المتعين "ما"، فإن الشيء بما هو شيء لم يندرج فيه مفهوم العاقل من حيث هو عاقل، وإن اندرج فيه من حيث هو شيء، وإن قلت: لفظ "من"، لم يكن كلاما عربيا، ولهذه القاعدة قال الله تعالى: {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء}، ولم/ (١٤٢/ ب) يقل: إلى من خلق الله من شيء، فإن الشيء بما هو شيء لا يستحق لفظ "من"، بل "ما" (وقد) قال تعالى: {ويعلم ما في الأرحام}، فأتى بلفظ "ما"، ولم يأت بلفظ "من"؛ لأن المستقر في الرحم من حيث هو مستقر في الرحم أعم ممن هو عاقل، بل قد يكون بهيمة، ومن الحشرات، فإذا دخل لفظ العموم، اندرج العقلاء فيه من جهة عامة، وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>