إلا تسعة، أنه لا يلزمه إلا واحد، ولولا أن هذا الاستثناء صحيح لغة وشرعًا، وإلا لما صح ذلك، وقد تقدم ما على هذا الإجماع.
قال فخر الدين: ويدل على فساد اشتراط الأقل، وهو مذهب القاضي ومن تقدمت الحكاية عنه في موافقته قوله تعالى:{إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين}، وقوله تعالى حكاية عن إبليس:{لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين}، فلو كان المستثنى أقل من المستثنى منه لزم في اتباع إبليس وفي المخلصين أن يكون (كل) واحد منهما أقل من الآخر، وذلك محال؛ لأن المستثنى منه في إحدى الآيتين قد جعل بعينه هو المستثنى، فإن كان الباقي بعد الاستثناء يشترط فيه أن يكون أكثر، فهذا الأكثر قد جعل مستثنى في الآية الأخرى، فقد استثنى الأكثر، وإن كان الباقي بعد الاستثناء/ يشترط فيه أن يكون مساويا، فقد جعل مستثنى في الآية الأخرى، فقد استثنى المساوي. (١٥٥/ أ)
والاستدلال بمجموع الآيتين مدرك قوي جدا في بادئ الرأي، غير أنه باطل من وجهين:
أحدهما: أن للقاضي أن يقول: إن الاستثناء إنما شرع في الكلام لإخراج ما عساه (أن) لا يشعر به المتكلم، وذلك إنما يكون في غاية الندرة والقلة؛ لأن الاستثناء يصير الكلام منقضا باطلا فيما استثنى، وهذان المدركان لا يوجدان في الآيتين؛ لأن الإقدام على الهذر من القول وبطلان الكلام وإخراج المستثنى، إنما يتحقق حالة الخطاب، وكون الخارج معلوما