حينئذ، وأن المتكلم مقدم عليه مع العلم به وحالة قول إبليس ذلك (لم يكن) في ظاهر الحال يعلم المخلصين منهم من غيرهم، فلو ظهر الكل مخلصين، لم يكن في عرف الاستعمال مقدما على الهذر من الكلام، ولا ناقضا لقوله.
وكذلك قوله تعالى:{إلا من اتبعك}، فهو معلوم للخلق حينئذ، وإن كان الله تعالى يعلم المتبع بعينه من غير المتبع.
غير أن خطاب الله تعالى يجري على القانون العرفي، فكل ما تكلم به العرب وكان شائعا، كان ذلك في القرآن على ذلك الوجه، وخصوص الربوبية لا ينقض استعمال اللغات، ألا ترى أن كلمة (أن) لا يعلق عليها المحتمل المشكوك فيه، (وذلك في حق الله تعالى محال)، مع أنها في القرآن في غاية الكثرة، وما المحسن لهما إلا قول المتكلم لو كان عربيا لحسن ذلك منه، فكان صدورها من الله تعالى عليها ما هو معلوم له تعالى والسامع المخاطب كقوله تعالى:{وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا} فهم يعلمون أنهم مرتابون، يعني الكفار، وكذلك قوله تعالى:{وإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك}، وهم يعلمون أنهم كذبوه، غير أن هذا الريب، وهذا التكذيب شأنه أن يعرض له الشك في مجاري العادات، فهذا هو المحسن لتعليقه على كلمة (إن).
وكذلك يحسن أن يقول أحدنا لغيره: إن جاءك زيد فأكرمه، مع علم