زيد عمرًا بكرًا، كان الأقرب إلى الفعل هو الفاعل في الأخذ، وإن كان مفعولًا من جهة فعل الإعطاء، فيكون عمر مثلًا هو الآخذ لبكر، وبكر هو المأخوذ وكذلك إذا قلت: ضرب زيد عمرًا وضربته، كان الضمير في ضرته عائدًا على عمر الأقرب، للضمير من زيد، وكذلك: أكرمت جيراني وضرت غلماني، فإنما يعود هذا الحال على ضرب الغلمان دون الجيران؛ لأنه أقر، ونظائره كثيرة في اللغة.
القاعدة الخامسة: أن الكلام إذا دار بين الإلغاء والإعمال، فالإعمال أولى؛ لأنه شأن العقلاء، والكلام بالهذر المطرح لا يليق.
إذا تقررت هذه القواعد الخمس فأقول: إذا قلت: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة، تعين عود الاستثناء الثاني على أصل الكلام؛ لأنه مستغرق وأكثر (منه)، وكذلك (إلا ثلاثة)؛ لأنه مستغرق، فيكون قد اعترف بثلاثة. وإذا قلت: له عندي عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين، تعين عوده أيضًا على أصل الكلام؛ لأن العرب لا تجمع بين إلا والواو العاطفة، وهي غير عاطفة، وهو مع كونه أقل وغير مستغرق، فيتعين عوده على أصل الكلام، فيكون قد اعترف بخمسة.