والثالث: كقولنا: أطعم ربيعة وأطعم مضرًا إلا الطوال، فاتفقا في الحكم دون سماع الاسم عكس الذي قبله، فإن الذي قبله متفق الاسم مختلف الحكم، وحكمه كحكمه؛ لأن كل واحدة من الجملتين مستقلة، فالظاهر أنه لم ينتقل إلى الثانية إلا وقد تم عرضه منها بالكلية.
وأما إن كانت إحدى الجملتين متعلقة بالأخرى: فإما أن يكون حكم الأولى مضمرًا في الثانية كقولنا: أكرم ربيعة واخلع عليهم إلا الطوال، فيرجع الاستثناء في القسمين إلى الجملتين؛ لأن الثانية لا تستقل إلا مع الأولى، فوجب رجوع حكم الاستثناء إليهما.
وأما إن كانت الجملتان نوعين من الكلام: فإما أن تكون القضية واحدة أو مختلفة فإن كانت مختلفة فهو كقولنا: أكرم العلماء وهم المتكلمون إلا أهل البلدة الفلانية، فالاستثناء راجع إلى ما يليه؛ لاستقلال كل واحد من تلك الجملتين بنفسها، / (١٦١/ ب)(وأما إن كانت القضية واحدة فكقوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا}، فالقضية واحدة وأنواع الكلام مختلفة، أمر، ثم نهي، ثم خبر، ثم استثناء، وهو يرجع إلى الجملة الأخيرة، الاستقلال كل واحدة من تلك الجملتين بنفسها).