واتفقوا على أنه يحسن التقييد به وإن كان الخارج بسببه أكثر من الباقي، وإن اختلفوا في ذلك في الاستثناء، وعلى أنه يبطل جملة الكلام بالتقييد به، وإن اتفقوا على أن ذلك باطل في الاستثناء.
ووجه ما تقدم: أنه سبب، فهو موضع الحكمة والمصلحة، والمصلحة يتعين التعجيل في التنصيص عليها والاهتمام بذكرها، فلذلك اتفقوا على وجوب الاتصال، بخلاف الاستثناء فقد يجوز تأخيره، لضعف الداعية لذكره؛ لأنه إخراج لما ليس فيه مصلحة الكلام، وقد لا يخل بقاؤه مع المقصود، هذا إذا فسرنا الاستثناء بإلا وأخواتها، وإن فسرناه بمشيئة الله والتعليق عليها- كما هو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما- فالفرق، وإن كان كل واحد منهما تعليق وسبب متضمن للحكمة كما (تقدم): أن الاستثناء بمشيئة الله تعالى رافع لما تقدم ومعارض له ومضاد، وهذه الأمور على خلاف الأصل، والشرط اللاحق للجمل لم تتعين مخالفة الأصل في التعليق بالشرط، بل جاز حصول الشرط في جميعها، فلا يحصل إبطال لشيء مما اقتضاه اللفظ، ويكون الشرط زائدًا في المصالح، لا معارضًا لشيء منها، بخلاف المشيئة المعارضة الرافعة لحكم ما تقدم من اليمين، فضعف عن رتبة الشرط العام، فلم تتوفر العناية به على تعجيل النطق به عند ذكر الحكم على رأي من يرى ذلك.