والفرق- أيضًا- في إخراج الأكثر وإبطال الكل كما إذا قال: أكرم بني تميم واخلع على خزاعة إن أطاعوا الله تعالى، فلا يطيع الأكثر، (فيبطل الحكم فيه، بسبب الشرط، أو لا يطيع الكل) فيبطل الحكم في الكل، بسبب الشرط، فيجوز اتفاقًا، بخلاف الاستثناء؛ لأن الاستثناء إذا أخرج به أكثر ما نطق به نحو: له عشرة إلا تسعة، عد أهل العرف المتكلم مقدمًا على النطق بما لا يحتاجه لغير ضرورة، وأنه أقر ثم أنكر، وأنه يناقض لفظه، واشتغل بما لا فائدة فيه وهو النطق بلفظ لم يرد معناه، وهو يعلم بذلك، وهو مقدم عليه، فيعاب ذلك عليه على رأي القاضي وغيره.
فأما الشرط، فلم يتعين فيه شيء من ذلك، فإذا قال:(أكرم قريشًا، فهذا يقتضي إكرام جميعهم، فإذا قال): إن أطاعوا الله تعالى: يحتمل أنهم كلهم يطيعون الله، فلا ينخزم من الكلام الأول شيء، ويحتمل ألا يطيع منهم أحد، فلا يبقى من الكلام الأول شيء، ويحتمل البعض والبعض، لكن عند النطق، لم يتعين الإبطال في فرد منهم، بل يكون ذلك قبيحًا، ولا يعده أهل العرف مشتغلًا بالهذر من الكلام ولا قاصدًا لما لا فائدة فيه،