تقريره: أن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - على خلاف العموم الخاص بالأمة، ودل الدليل على أن الأمة مثله عليه الصلاة والسلام، جاز بمقتضى هذا الدليل المسوي فعل ذلك الذي فعله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا يبطل حكم العموم في حق الأمة، فيصير ذلك إبطالًا للنص بالكلية، وهذا ليس تخصيصًا بل نسخًا. وهذا الذي صرح به في هذا القسم هو مراده في القسم قبله، ويبقى الكلام في غاية الإشكال من جهة أنه شرع في التخصيص بما يمنع التخصيص.
وأما الشيخ سيف الدين رحمه الله فإنه لم يسلك هذا المسلك، بل قال: إما أن نقول بوجوب التأسي على من سواه أو لا.
والأول يلزم منه النسخ دون التخصيص بخروج الجميع من النص.
وإن لم نقل بالتأسي، فإن افعل مخصص له - صلى الله عليه وسلم - وحده إن كان النص متناولًا له - صلى الله عليه وسلم - ولأمته، وإن كان متناولًا للأمة فقط، لا يكون فعله - صلى الله عليه وسلم - مخصصًا عن العموم، لعدم دخوله، فإن قيل- أيضًا- بوجوب المتابعة على الأمة، كان نسخًا عن الأمة (لا) تخصيصًا.
ثم قال: وهذا التفصيل يحكى، (ولا أرى للخلاف) في التخصيص بفعله عليه الصلاة والسلام وجهًا- فإن كان المراد تخصيصه وحده فلا يتأتى فيه خلاف، أو تخصيص غيره فليس هو تخصيصًا بل نسخًا، مع أن الخلاف يحكى في تخصيص العموم يفعله - صلى الله عليه وسلم -، وقال به الأكثرون من الشافعية والحنفية والحنابلة، ونفاه الأقلون كالكرخي قال: والأظهر عندي الوقف؛ لأن دليل التأسيس عام، فليس مراعاة أحد العمومين أولى من الآخر.