للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن النسخ تخصيص في الأزمان، وهذا التخصيص تخصيص في الأشخاص والأعيان، فنقول: لو جاز التخصيص في الأعيان بخبر الواحد، لجاز التخصيص في الأزمان بخبر الواحد.

وتقريره: أن التخصيص في الأشخاص لو جاز لكان لأجل أن تخصيص العام أولى من إلغاء الخاص، وهذا المعنى قائم في النسخ، فيلزم جواز نسخ المتواتر بخبر الواحد، ولما لم يجز ذلك، علمنا أن ذلك أيضا غير جائز.

والجواب عن الأول: أن الإجماع ليس بصحيح، بسبب أنه لم يوافق عليه الكل تصريحًا ولا سكوتًا، أما التصريح فلعدم النقل، وأما التلويح والسكوت فلأنه لم يكن الكل حضرين حتى يتعين ذلك، سلمنا ذلك أنه إجماع، لكنا لا ندعي التخصيص بكل ما كان من أخبار الآحاد حتى يكون ذلك واردًا علينا، وإنما نجوزه بالخبر الذي لا يكون راويه متهمًا بالكذب والنسيان، وحديث عمر رضي الله عنه صريح في رواية بالتهمة بالكذب والنسيان، فليس من صور النزاع، فلم يكن ذلك قادحًا في غرضنا، بل هو بأن يكون حجة لنا أولى، وذلك أن عمر رضي الله عنه بين أن روايتها إنما صارت مردودة، لكونها غير مأمونة من الكذب والنسيان، ولو كان خبر الواحد المقتضي التخصيص الكتاب مردودًا كيف ما كان، لما كان لذلك التعليل وجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>