بيانه: أنا إذا جردنا (زيدا) أيضا عن مشخصاته، لم يبق في ذهننا إلا القدر المشترك الذي هو الحيوان الناطق، فإذا جردنا (عمرا) أيضا عن مشخصاته لم يبق في ذهننا إلا الصورة الأولى، فكذلك تجريد بقية الأشخاص، وهذه الصورة الجزئية لما كانت إنما حصلت في الذهن من تجريد (زيد) و) عمرو) وجب أن يصدق على (زيد) و) عمرو)؛ لأنها مجردة منهما، وكذلك الكلام في غيرهما؛ لأن المجرد عن الشيء لا بد أن يصدق على الشخص المجرد بالضرورة، وإلا لما يكن مجرد منه بل مباينا له، فحصل - حينئذ- لهذه الصورة: أنها كلية من جهة صدقها على كثيرين، وأنها جزئية من جهة أنها فرد من أفراد تصور هذا النوع، وتعاقب أمثالها بعدها بسبب تخلل المتعقلات فاجتمع الجزئي والكلي في شيء واحد، وكان الجزئي صادقا على كثيرين، بل ما لا يتناهى وهو جزئي، فكان اللفظ الواحد موضوعا لشيء واحد وهو جزئي، وذلك الجزئي بعينه هو كلي، فهو من غرائب المعقولات وعجائب الموضوعات، ولا تجد له نظيرا من نوعه في الموضوعات، بل كل موضوع في لسان العرب إما لجزئي محض كعلم الشخص، أو كلي محض كاسم الجنس واسم العدد والمضمرات وغيرها من المعارف، كما تقدم أنها موضوعة لكليات.