وثانيهما: سلمنا أن المراد أمته - صلى الله عليه وسلم -، لكن المقيد فيه أمران، وهما جزآن مرتبان على شرط مركب، فرتب الحبوط والخلود على الردة والوفاة عليها، فأمكن التوزيع، فلا يحصل في ذلك المطلق تقييد.
وهذا كما تقول: من شرب الخمر وسرق، جلد وقطعت يده، فالشرط المتقدم مركب، والمشروط مركب، والتوزيع واقع، وأحد أجزاء المشروط مرتب على أحد أجزاء الشرط، والآخر على الآخر، فالجلد مرتب على الشرب، والقطع على السرقة.
ونظائره كثيرة، فما تعين أنه من باب التقييد والإطلاق، وإذا حصل الشك والاحتمال، بقي المطلق على إطلاقه؛ لأن الأصل، وبهذا اندفع عن المالكية سؤال صعب، فإنهم يرون بحمل المطلق (على المقيد)، وها هنا خالفوا أصولهم، وبهذا البيان لم يكونوا قد خالفوا أصولهم.
إذا تقرر تمثيل المسألة من حيث الجملة، فنقول: أما إذا كان السبب واحدًا، وجب حمل المطلق على المقيد؛ لأن المطلق جزء من المقيد، والآتي بالكل آت بالجزء ولا محالة، فالآتي بالمقيد يكون قد عمل بالدليلين معًا، والآتي بغير ذلك المقيد لا يكون عاملًا بالدليلين، بل تاركًا لأحدهما، والعمل بالدليلين عند إمكان العمل بهما أولى من العمل بأحدهما وترك الآخر.
فإن قيل: لا نسلم أن المطلق جزء من المقيد.
بيانه: أن الإطلاق والتقييد ضدان، والضدان لا يجتمعان.
سلمنا ذلك، لكن المطلق له عند عدم التقييد حكم، وهو تمكن المكلف من