للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميقات، واستعارة "عن" بمعنى "من" جائز لغةً (١)، ويكثر استعمال العجم له، فالمراد إذاً: أن دم التمتع واجب بسبب مزاحمة الحج الذي يحرم به من ميقاته الذي هو نفس مكة في أشهره (٢) بالعمرة، فهذا مستقل بإيجابه، فإذا أضاف إليه ترك الإحرام بالحج من ميقاته مكة، فهذا سبب لوجوب الدم، زائدٌ على سبب الدم الأول، فوجب أن يجب به دم آخر، فكأن في قوله "من ميقاته" زيادة إشعار بتغاير السبب وتعدده، والله أعلم.

الأصح عندهم أن الإفراد أفضل الوجوه (٣)، وعليه نصَّ في عامَّة (٤) كتبه (٥). وقال: "وفيه قول إن المتمتع (٦) أفضل من الإفراد؛ لاشتماله على الدم" (٧)، إنما مستند هذا القول: الحديث (٨).


(١) انظر: مغني اللبيب ١/ ١٤٨، القاموس ص ١٥٧١.
(٢) في (ب): (أشهر الحج).
(٣) انظر: فتح العزيز ٧/ ١٠٧، المجموع ٧/ ١٤٢، رحمة الأمة ص ١٣١، مغني المحتاج ١/ ٥١٤.
(٤) في (أ): (غاية).
(٥) هذا هو المشهور من مذهبه. انظر: الأم ٢/ ٣١٢، مختصر المزني ص ٧٢، والمصادر السابقة قبل الهامش.
(٦) في (أ): (التمتع).
(٧) الوسيط ١/ ق ١٦٩/ ب.
(٨) يشير إلى ما رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - في حديث طويل، وفيه (فقال: قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم، وأبرَّكم، ولولا هدي لحللت كما تحلُّون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي فحلُّوا، فحللنا، وسمعنا، وأطعنا ... الحديث)، وفي رواية قال: (أيها الناس من لم يكن معه هدي فليحلل، وليجعلها عمرة، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، فحلَّ من لم يكن معه هدي) رواه البخاري ٣/ ٧٩ - مع الفتح - في كتاب العمرة، باب عمرة التنعيم، و ١٣/ ٣٤٨ في كتاب الاعتصام، باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحريم إلا ما تعرف إباحته، ومسلم ٨/ ١٦٣ - ١٦٨ - مع النووي -، باب وجوه الإحرام. والاستدلال: أنّه - صلى الله عليه وسلم - تمنى تقديم العمرة على الحج، ولولا أنّه أفضل لما تمناه.