للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره (١) قولاً قديمًا أن الماء الجاري لا ينجس إلا بالتغير، ولكن من غير فرق بين النجاسة المائعة والجامدة، واختاره بعض الأصحاب (٢) احتجاجًا بأن الماء الجاري وارد على النجاسة فلم ينجس المزال به النجاسة، وما احتج به من أمر الأولين لا يسلَّم له (٣)؛ فإنه (٤) تخمين لا يعضده نقل يعتمد، والله أعلم.

الفرق الذي ذكره هو (٥) وشيخه (٦) بين الأنهار المعتدلة والأنهار العظيمة، بعيد لم يذكره الأكثرون (٧)، والله أعلم.

قوله: "وهذا الحريم مجتنب في الماء الراكد" (٨) غير صحيح على المذهب، وقد بينت ذلك في فصل الراكد (٩)، وإنما الحريم المذكور المجتنب مخصوص


(١) كالشيرازي في التنبيه (ص ١٣)، والبغوي في التهذيب (ص ٣٨).
(٢) نقله ابن الرفعة عن صاحب التتمة المتولي انظر المطلب العالي (١/ ل ٨٠/ أ)، وراجع فتح العزيز (١/ ٢٣١).
(٣) قال النووي: "وأما ما ذكره من وضوء الأولين فلم يثبت أنهم كانوا يتوضؤون تحت المستنجين، ولا أنهم كانوا يستنجون في نفس الماء". أهـ المجموع (١/ ١٤٤)، وراجع التنقيح (ل ٢٨/ ب).
(٤) في (ب): لأنه.
(٥) قال الغزالي: "وإن انمحقت - أي النجاسة - لم ينجس الماء وإن كان قليلاً؛ لأن الأولين ما زالوا يتوضؤون ويستنجون من الأنهار الصغيرة، وهذا في الأنهار المعتدلة. وأما النهر العظيم الذي يمكن التباعد فيه عن جميع جوانب النجاسة بقدر قلتين فصاعدًا فالذي قطع به معظم الأئمة أنه لا يجتنب فيه إلا حريم النجاسة. ا. هـ الوسيط (١/ ٣٣١).
(٦) انظر نهاية المطلب (١/ ل ١١٩/ أ).
(٧) انظر: التنقيح (ل ٢٨/ ب)، المطلب العالي (١/ ل ٨٢/ ب).
(٨) الوسيط (١/ ٣٣١).
(٩) انظر (١/ ٧٤).