للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث" (١) قال فيه: "إذا ورد الماء على النجاسة لم (٢) ينجس؛ لأنا لو قلنا: ينجس. لم يطهر الثوب". ثم إنه يمكن أن يوجه هذا البناء بأن المقصود من الغسل إهدار النجاسة عن المحل، وإنما يحصل ذلك بالعصر فوجب، ثم لا يتوجه ذلك على الحكم بطهارة الغسالة؛ فإنه لو أعادها إلى المحل بعد انفصالها لم يمتنع (٣)، فيتعين ابتناؤه على الحكم بنجاستها، والله أعلم.

ابن سريج (٤) قضى بأن الثوب النجس إذا أورده على الماء القليل على قصد غسله أجزأ؛ لأن الأصل نجاسة الماء القليل بملاقاة النجاسة، واستثنى للحاجة ما إذا كانت ملاقاته إياها على جهة الغسل، وكما تنصرف الملاقاة إلى جهة الغسل بكونها على هيئة الغسل بأن يكون الماء واردًا، فكذلك تنصرف إلى جهة الغسل بقصد الغسل مع كون الماء مورودًا، والمقصود من الغسل إزالة أثرها واستهلاكها، وذلك حاصل في هذه الصورة أيضًا. فتوسَّع ابن سريج في الطرق المحصِّلة لهذا المقصود بزيادته (٥) هذا الطريق، وزاد عليه طريقًا آخر ليس


(١) انظر: ص: ٥٦٠.
(٢) في (أ): لا.
(٣) في (أ): يمنع.
(٤) الإمام أحمد بن عمر بن سريج البغدادي أبو العباس، شيخ الشافعية في عصره، وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق، توفي سنة ٣٠٦ هـ، يقال: إن مصنفاته بلغت أربعمائة مصنف منها: الرد على ابن داود في القياس، والرد عليه في مسائل اعترض فيها على الشافعي، وكتاب الخصال. انظر ترجمته في: تهذيب الأسماء (٢/ ٢٥١)، طبقات السبكي (٣/ ٢١)، طبقات الأسنوي (٢/ ٢٠)، وغيرها.
وراجع المسألة في: الوسيط (١/ ٣٣٤).
(٥) في (أ): زيادة.