للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحروريَّة (١) أبلاهم الله تعالى بالغلوِّ في غير موضع الغلوِّ، وبالتهاون في موضع الاحتياط. ومن سلك ذلك فكأنه يعترض (٢) على أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة (٣)، والتابعين، وسائر المسلمين، فإنَّهم كانوا يلبسون الجدد من الثياب قبل غسلها، وحال الثياب في أعصارهم كحالها في عصرنا، ولو أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغسلها لما خفي ذلك؛ فإنه مما تعم به البلوى، أرأيت لو أمرت بغسلها أكنت (٤) تأمن من أن يصيبها في هذا الغسل ما يتوهم من النجاسة؟! فإن قلت: أباشر غسلها بنفسي. فهل سمعت أحدًا يروي في ذلك خبرًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو عن أحد من الصحابة (٥)، أنهم كانوا يوجهون (٦) على الإنسان من طريق اللزوم أو طريق الاحتياط أن يباشر بنفسه غسل ثيابه حتى يأمن عليها أوهام النجاسة؟!، والله أعلم.


(١) الخوارج: هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في صفين، وانحازوا إلى قرية حروراء، وهي قرية بظاهر الكوفة، وقيل موضع على بعد ميلين منها، فنسبوا إليها، وهي فرقة مشهورة، لها أراء مشهورة، راجع في التعريف بها: مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري ١/ ١٦٧، الملل والنحل للشهرستاني ١/ ١٠٦، الفصل لابن حزم ٢/ ١١٣، فرق معاصرة لغالب العواجي ١/ ٦٦ وما بعدها.
وراجع في التعريف ببلدة حروراء: معجم البلدان ٢/ ٢٨٣.
(٢) في (أ): يعرض.
(٣) في (أ): أصحابه.
(٤) في (أ): كنت.
(٥) في (أ): أصحابه.
(٦) كذا في جميع النسخ، وفى التبصرة: يوجبون.