للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالثة: قال الشيخ أبو محمَّد (١): "نبغ أقوام يغسلون أفواههم إذا أكلوا خبزًا، ويزعمون أن الحنطة تداس (٢) بالثيران، وهي تبول وتروِّث في المداسة أيامًا طويلة, ولا يكاد يخلوا طحين (٣) تلك الحنطة وخبزها عن النجاسة، ثم ذكر أن هذا من مذهب الغلوَّ والخروج عن عادة السلف؛ فإنَّا نعلم أن (٤) الناس في الأعصار السالفة ما زالوا يدوسون (٥) بالحيوانات، كما يفعل أهل هذا (٦) العصر، وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من الصحابة، والتابعين، وكل ذي تقوى وورع، أنهم رأوا غسل الفم (٧) من ذلك". قلت: والفقه في ذلك أن ما في أيدي الناس من القمح المتنجس بذلك ونحوه يسير جدًا بالنسبة إلى القمح السالم من النجاسة، فقد اشتبه إذًا واختلط قمح نجس قليل بما لا يحصر من القمح الطاهر، فلا منع (٨)، بل يجوز التناول من جانب، كما إذا اشتبهت أخته من الرضاع واختلطت بنساء أهل بلد (٩) لا يحصرن، فإنه يجوز له التزوج من


(١) انظر التبصرة ص: ٥٨١ - ٥٨٢.
(٢) داس الشيء برجله يدوسه دوسًا: وطئه، وداس الطعام يدوسه دياسة فانداس، والموضع: مداسة، والمِدْوس ما يداس به. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر ٢/ ١٤٠، لسان العرب ٤/ ٤٤٢، القاموس المحيط ٢/ ٣٤٣، المصباح المنير ص: ٧٧.
(٣) في (أ): طين.
(٤) سقط من (أ).
(٥) في (أ): يدرسون.
(٦) في (أ): هذه.
(٧) في (أ): أفواهم.
(٨) في (أ): يمنع.
(٩) في (أ): بلدة.