للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك مُعَارَض بأنَّا قد تيقنَّا بعد طلوع الشمس طهارة، وشككنا في زوالها بتأخر الحدث الموجود بعد الطلوع (١) عنها، والأصل بقاؤها (و) (٢) لا فرق بين الحدث والطهارة، إلا أن الحدث علمناه بصفة كونه مزيلاً للطهارة، والطهارة لا نعلمها بصفة كونها مزيلة للحدث؛ لجواز أن تكون طهارةً على طهارة، وهذا لا تأثير له؛ لأن الطهارة على الطهارة مقرونة بانتفاء الحدث أيضاً، فالأصل استمرار انتفاء الحدث سواء كان انتفاؤه بتلك الطهارة أو بالطهارة التي قبلها، وهكذا إذا كان محدثاً قبل طلوعها فقد علمنا بعد طلوعها حدثاً مقروناً بانتفاء الطهارة، فالأصل استمرار انتفاء الطهارة ولا فرق كما ذكرناه، وفي هذا ما يوجب الفرق بين هذا ومسألة البراءة, لأنه لم يوجد مع سبب البراءة سبب آخر شاغل للذمة من قبض آخر أو غيره مضافاً إلى القبض المتقدم حتى يستصحب حكمه، وههنا وجد مع سبب الحدث سبب آخر موجب لزوال الحدث وهو الطهارة الثانية مضافاً إلى ما تقدم من الطهارة، فالأصل بقاء حكمها كما ذكرناه، فوضح التعارض على التساوي في استصحاب كل واحد من الطهارة والحدث الموجودين بعد طلوعها في كل واحد من الصورتين من غير ترجيح لما هو منهما ضد لما كان قبل طلوعها. وإذا تعارضا وتساويا لم يمكن الحكم بطهارته، ولا تصح الصلاة من غير طهارة محكوم بثبوتها. ولهذا قطعوا بأنه إذا لم يتذكر أنه كان قبل طلوع الشمس على طهارة أو حدث فإنه يجب عليه الوضوء (٣). فهذا (٤) الرأي الذي حققناه ضالة المحقق، ولا أحسبه يعدل عنه إذا تنبه له، واستوفى


(١) في (أ): طلوع الشمس.
(٢) زيادة من (أ) و (ب).
(٣) انظر: المجموع ٢/ ٦٤.
(٤) في (أ): هذا.