للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموسوم بـ "البلغة": "ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بنية الغسل" (١). وأنا أقول: إن كان جنباً من غير حدث أصغر فالأمر على ما ذكره، وأما إذا كان جنباً محدثاً كما هو الغالب فينبغي أن ينوي بوضوئه هذا رفع الحدث الأصغر؛ أما على القول بإيجاب الجمع بين الوضوء والغسل فظاهر؛ لأنه لا يشرع وضوءان (٢)، فيجعل هذا الوضوء ذلك الوضوء الواجب، وأما على القول بالتداخل؛ فلأنه إذا نوى بهذا الوضوء رفع الحدث كان فيه خروج من الخلاف (٣)، والله أعلم.

قوله: "وهل يؤخر غسل الرجلين في وضوئه إلى آخر الغسل؟ فيه قولان لاختلاف الروايتين عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٤) المراد بالروايتين: رواية عائشة، ورواية ميمونة - رضي الله عنهما -. أما رواية عائشة ففيها أنه توضأ - صلى الله عليه وسلم - وضوءه للصلاة قبل إفاضة الماء عليه (٥). وهذا ظاهره (٦) يقتضي تمام الوضوء، وتقديم غسل قدمه في وضوئه. وأما رواية ميمونة ففيها أنه توضأ وضوءه للصلاة قبل إفاضة الماء عليه أيضاً، لكن فيها بعد ذكر افاضة الماء عليه أنه تنحى فغسل رجليه (٧). وقد كان يمكن أن يحمل هذا على موافقة (٨) الأول على معنى أنه غسل


(١) نقل قوله النووي في: المجموع ٢/ ١٨٣ عن ابن الصلاح.
(٢) انظر: فتح العزيز ٢/ ١٧٩، المجموع ٢/ ١٨٣، ١٩٥.
(٣) انظر: روضة الطالبين ١/ ٢٠١.
(٤) الوسيط ١/ ٤٢٩.
(٥) رواها البخاري في صحيحه - مع الفتح - كتاب الغسل، باب الوضوء قبل الغسل ١/ ٤٢٩ رقم (٢٤٨)، ومسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب الحيض، باب صفة الغسل ٣/ ٢٢٩.
(٦) (ب): ظاهر.
(٧) رواها مسلم في صحيحه الموضع السابق ٣/ ٢٣١.
(٨) في (أ): موافقته.