للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متمسكاً بأن القعود لا يشتمل عليه القيام، فلا يكون باستطاعته إياه مستطيعاً لشيء من القيام المأمور به، فلا يتناوله الحديث، وهكذا القول في الباقي. قلت: قد احتج أيضاً بهذا الحديث على ذلك إمام الحرمين (١)، فأقول: لا نقول: إنه بإتيانه بالقعود يكون آتياً بما استطاعه من القيام المأمور به، ولكنَّا نقول: بإتيانه به يكون آتياً بما استطاعه من الصلاة المأمور بها، فالصلاة بالقعود، أو الاضطجاع، أو (٢) غيرهما من الأمور المذكورة صلاة؛ لأنه يطلق عليها اسم الصلاة، ويقال: صلى كذا وكذا، فصلاته صحيحة أو فاسدة، فهذه (٣) أنواع لجنس الصلاة (٤) بعضها أدنى من بعض، فإذا عجز عن الأعلى منها واستطاع الأدنى كان بإتيانه به آتياً بما استطاع من الصلاة (٥)، والله أعلم.

قوله: "وقال أبو حنيفة: إذا عجز عن القعود سقطت الصلاة" (٦) هذا مما أُنكر عليه إذ لا يصح هذا عن أبي حنيفة، والمنقول عنه خلافه في كتب أصحابه (٧)، وأصحابنا (٨)، وإنما الثابت عنه أنه إذا عجز عن الإيماء برأسه سقطت عنه الصلاة، والله أعلم.


(١) انظر: نهاية المطلب ٢/ ل ٧٠/ ب.
(٢) في (أ) و (ب): و.
(٣) في (أ): هذا.
(٤) سقط من (ب).
(٥) انظر: التنقيح ل ١٠١/ ب - ل ١٠٣/ أ.
(٦) الوسيط ٢/ ٦٠٥.
(٧) كالمبسوط ١/ ٢١٦ - ٢١٧، بدائع الصنائع ١/ ١٠٦.
(٨) انظر: حلية العلماء ٢/ ٢٢١، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص: ٣٩، فتح العزيز ٣/ ٢٩٥.