للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الثالث الذي خرَّجه المزني إنما هو تجويز إيقاع نيَّة الجمع بين الصلاتين، فلو أنه نوى الجمع في أول الصلاة الثانية فالظاهر من كلام المفرِّعين على تخريجه هذا أن ذلك لا يجوز؛ لأنها جازت بين الصلاتين لتعلق الجمع بالصلاتين، قال إمام الحرمين: "ليس يبعد عن القياس تجويز ذلك" (١). على هذا إذا عرفت هذا فالذي ذكره في الكتاب اختصار منه لكلام شيخه في ذلك على وجه يخلُّ بفهم المنقول عن المزني موهماً غيره، والله أعلم.

قوله: "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من غير خوف ولا سفر. قال الشافعي - رضي الله عنه -: ما أراه إلا من عذر المطر" (٢) هذا رواه الشافعي (٣)، وغيره (٤) عن مالك بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال مالك: "أرى ذلك كان في مطر" (٥). هذا الحديث رواه مسلم في "صحيحه" من وجهين: أحدهما: هكذا. والثاني: "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر" (٦). فلا


(١) نهاية المطلب ٢/ ل١٩٧/ ب.
(٢) الوسيط ٢/ ٧٢٩ - ٧٣٠. وقبله: السبب الثاني - أي للجمع -: المطر، وقد جمع رسول الله ... إلخ.
(٣) في: المسند ص: ٤٤٩، السنن ١/ ١٣٤، مختصر المزني ص: ٣٠.
(٤) فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه - مع النووي - كتاب صلاة المسافرين، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر ٥/ ٢١٥ عن يحيى بن يحيى عن مالك، وأبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين ٢/ ١٤ رقم (١٢١٠) عن القعنبي عن مالك، والنسائي في سننه كتاب المواقيت، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر ١/ ٣١٥ رقم (٦٠٠) عن قتيبة عن مالك، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة، ٣/ ٢٣٦ رقم (٥٥٤٣) من طريق الشافعي عن مالك.
(٥) انظر: الموطأ - مع الزرقاني - كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر ١/ ٤١٧ رقم (٣٢٨).
(٦) انظر: صحيح مسلم الموضع السابق ٥/ ٢١٦ - ٢١٧.