للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ مَجِيئُهُ إلَيْهَا فِي خَفَاءٍ

وَأَشَارَ لِلسَّبَبِ الثَّالِثِ وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا فَقَالَ (وَفِي حَدِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ) لَهَا بِأَنْ قَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ أَوْ أَنْتِ زَنَيْت مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِرُؤْيَةٍ أَوْ نَفْيِ حَمْلٍ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ اللِّعَانِ (أَوْ لِعَانِهِ) بِأَنْ يُمَكَّنَ مِنْهُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلْقَذْفِ (خِلَافٌ) وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ

(وَإِنْ لَاعَنَ) الزَّوْجُ (لِرُؤْيَةٍ وَادَّعَى الْوَطْءَ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ (وَ) ادَّعَى (عَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ) بَعْدَ ذَلِكَ الْوَطْءِ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ (فَلِمَالِكٍ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (فِي إلْزَامِهِ) أَيْ الزَّوْجَ (بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ أَوْ الْحَمْلِ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ إنَّمَا شُرِعَ لِنَفْيِ الْحَدِّ فَقَطْ، وَعُدُولُهُ عَنْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ رِضًا مِنْهُ بِاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدُ وَيَتَوَارَثَانِ أَيْ عَدَمَ إلْزَامِهِ بِهِ فَهُوَ لَاحِقٌ بِهِ، وَيَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ آخَرَ (وَنَفْيُهُ) أَيْ الْوَلَدِ عَنْ الزَّوْجِ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ مَوْضُوعٌ لِنَفْيِ الْحَدِّ وَالْوَلَدِ مَعًا فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ رَجَّحَ الثَّالِثَ، وَمَحَلُّهَا مَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَة الْحَمْلِ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ابْنُ الْقَاسِمِ مُخْتَارًا) لِقَوْلِ مَالِكٍ (وَيَلْحَقُ) الْوَلَدُ بِهِ (إنْ ظَهَرَ) أَيْ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ (يَوْمَهَا) بِأَنْ كَانَ بَيِّنًا مُتَّضِحًا، أَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ أَقَلِّيَّةٌ لَهَا بَالٌ

(وَلَا يَعْتَمِدُ) الزَّوْجُ (فِيهِ) أَيْ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ (عَلَى عَزْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ (وَلَا) عَلَى (مُشَابَهَةٍ) لِلْوَلَدِ (لِغَيْرِهِ) مِنْ النَّاسِ (وَإِنْ) كَانَتْ مُشَابَهَةُ الْغَيْرِ (بِسَوَادٍ) أَوْ عَكْسِهِ وَوَالِدُهُ عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا

(وَلَا) عَلَى (وَطْءٍ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ) دُونَ الْفَرْجِ (إنْ أَنْزَلَ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَجْرِي لِلْفَرْجِ فَيَشْرَبُهُ الرَّحِمُ

(وَلَا) عَلَى وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ (بِغَيْرِ إنْزَالٍ) فِيهِ بِأَنْ نَزَعَ ذَكَرَهُ قَبْلَ الْإِنْزَالِ (إنْ أَنْزَلَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَطْءِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَبُلْ) بَيْنَ الْإِنْزَالِ وَالْوَطْءِ الثَّانِي لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ مَائِهِ فِي قَنَاةِ ذَكَرِهِ فَيَخْرُجُ بِالْوَطْءِ لِلرَّحِمِ فَتَحْمِلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَالَ قَبْلَهُ ثُمَّ وَطِئَ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَحَمَلَتْ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ مُعْتَمِدًا عَلَى عَدَمِ الْإِنْزَالِ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ

(وَلَاعَنَ) الزَّوْجُ (فِي) نَفْيِ (الْحَمْلِ مُطْلَقًا) كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ لَا كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَلَا يَتَقَيَّدُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ بِزَمَانٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ الْحَمْلَ مَغْرِبِيَّةٌ عَلَى مَشْرِقِيٍّ أَيْ إنَّهَا ادَّعَتْ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْهُ وَأَنَّهُ طَرَقَهَا لَيْلًا

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا) وَأَشَارَ إلَى أَنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ: وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ) أَيْ بِالْقَذْفِ الْمُجَرَّدِ مِنْ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَالْحَمْلِ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ؛ وَلِذَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِرُؤْيَةٍ) أَيْ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلْقَذْفِ) أَيْ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] الْآيَةَ أَيْ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ بِالزِّنَا وَظَاهِرُهُ ادَّعَى رُؤْيَتَهُ أَمْ لَا ادَّعَى نَفْيَ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَشْهِيرِهِمَا فَبَعْضُهُمْ شَهَرَ الْأَوَّلَ، وَبَعْضُهُمْ شَهَرَ الثَّانِيَ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَاعَنَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا، وَقَالَ: وَطِئْتهَا قَبْلَ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ فِي يَوْمِهَا أَوْ قَبْلَ يَوْمِهَا وَلَمْ أَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهَا أَتَتْ بِوَلَدٍ فَهَذَا الْوَلَدُ إمَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُمْكِنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَحِقَ بِهِ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلِمَالِكٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَهُوَ صُورَةُ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ أَصْلًا) أَيْ لَا بِلِعَانٍ، وَلَا بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: يَنْتَفِي عَنْهُ بِلِعَانٍ آخَرَ، فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ) أَيْ بِلِعَانٍ ثَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ آخَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ الْأَوَّلَ إنَّمَا كَانَ لِنَفْيِ الْحَدِّ لَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَإِذَا أَرَادَ نَفْيَهُ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ حَمْلَهَا كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: أَقَلِّيَّةً لَهَا بَالٌ) أَيْ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ، أَوْ إلَّا سَبْعَةَ أَيَّامٍ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَمِدُ فِيهِ عَلَى عَزْلٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ يَطَأُ زَوْجَتَهُ وَيَعْزِلُ عَنْهَا ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ كَانَ يَطَؤُهَا وَلَا يَعْزِلُ إلَّا أَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدًا وَلَا يُشْبِهُ أَبَاهُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَيَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ عَلَى الْعَزْلِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ أَوْ يَخْرُجُ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ أَوْ يَقُولُ مَا هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي وَيَنْفِيهِ بِلِعَانٍ مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ عَلَى عَدَمِ الْمُشَابَهَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِلِعَانِهِ إنْ لَاعَنَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ اهـ عَدَوِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى وَطْءِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يَطَأُ زَوْجَتَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا أَوْ فِي دُبُرِهَا وَيُنْزِلُ ثُمَّ إنَّهُ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ وَيُلَاعِنَ فِيهِ مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى الْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ أَوْ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ فَيَدْخُلُ الْفَرْجَ فَتَحْمِلُ مِنْهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ بِغَيْرِ إنْزَالٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ لَاعَبَهَا وَأَنْزَلَ ثُمَّ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى، وَلَمْ يُنْزِلْ فِيهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَوْلٌ بَيْنَ الْإِنْزَالِ وَالْوَطْءِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ فِيهِ فَحَمَلَتْ زَوْجَتُهُ الثَّانِيَةُ فَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ وَالْمُلَاعَنَةُ فِيهِ مُعْتَمِدًا عَلَى عَدَمِ إنْزَالِهِ فِي تِلْكَ الزَّوْجَةِ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ مَائِهِ فِي قَنَاةِ ذَكَرِهِ فَيَخْرُجُ مَعَ الْوَطْءِ

(قَوْلُهُ: وَلَاعَنَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>