للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إنْ تَجَاوَزَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ لِعَدَمِ لُحُوقِهِ بِهِ

(وَ) لَاعَنَ (فِي الرُّؤْيَةِ) إذَا ادَّعَاهَا (فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ) كَانَتْ الْعِدَّةُ (مِنْ) طَلَاقٍ (بَائِنٍ) فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ وَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ تَوَابِعِ الْعِصْمَةِ وَأَحْرَى لَوْ رَمَى مَنْ فِي الْعِصْمَةِ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ رَأَى فِيهَا لَمْ يُلَاعِنْ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَأَى فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا لَاعَنَ وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، وَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ رَأَى فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فَلَا لِعَانَ

(وَحُدَّ) إذَا ادَّعَى (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَأَى فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا (كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ) الَّذِي نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ (إلَّا أَنْ تَزْنِيَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ زِنَاهَا بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ رَمَى غَيْرَ عَفِيفَةٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ (بَعْدَ اللِّعَانِ) خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِلْحَاقِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا لِعَانَ فِيهَا

(وَتَسْمِيَةِ الزَّانِي بِهَا) عَطْفٌ عَلَى اسْتِلْحَاقٍ أَيْ كَمَا يُحَدُّ إذَا سَمَّى الزَّانِيَ بِهَا بِأَنْ قَالَ رَأَيْتُك تَزْنِي بِفُلَانٍ وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنْ الْحَدِّ لَهُ لِعَانُهُ لَهَا (وَأَعْلَمَ) مَنْ سَمَّاهُ وُجُوبًا (بِحَدِّهِ) أَيْ بِمُوجِبِ حَدِّهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ فُلَانٌ قَذَفَك بِامْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَرِفُ، أَوْ يَعْفُو لِإِرَادَةِ السِّتْرِ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ

(لَا إنْ كَرَّرَ) بَعْدَ اللِّعَانِ (قَذْفَهَا بِهِ) أَيْ بِمَا رَمَاهَا بِهِ أَوَّلًا فَلَا يُحَدُّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَهَا بِأَمْرٍ آخَرَ أَوْ بِمَا هُوَ أَعَمُّ فَيُحَدُّ

(وَ) لَوْ لَاعَنَ فِي وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهُ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ وَ (وَرِثَ) الْأَبُ (الْمُسْتَلْحِقُ) بِالْكَسْرِ الْوَلَدَ (الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ (وَلَدٌ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ بِسَبَبِ نَفْيِ الْحَمْلِ فَفِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَاعَنَ فِي الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَجَاوَزَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَمَضَى بَعْدَ الطَّلَاقِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ) أَيْ أَوْ مِنْ يَوْمِ تَرَكَ الْوَطْءَ، فَإِذَا تَرَكَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ، وَمَضَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَلَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَمِنْ يَوْمِ تَرَكَ الْوَطْءَ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ لِقِلَّةٍ، أَوْ كَثْرَةٍ مِنْ أَنَّهُ يُلَاعِنُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ مُعَارِضٌ لِكَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ زَوْجَةٌ وَهُنَا لَيْسَتْ فِي الْعِصْمَةِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: فِي الْعِدَّةِ) أَيْ إنْ كَانَتْ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ فِي الْعِدَّةِ وَكَانَتْ الرُّؤْيَةُ الْمُدَّعَاةَ فِي الْعِدَّةِ أَيْضًا لَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَلَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ إذَا ادَّعَاهَا فِي الْعِدَّةِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَآهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا تَزْنِي فَإِنَّهُ يُلَاعِنُهَا وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا حُدَّ (قَوْلُهُ: لَوْ رَمَى مَنْ فِي الْعِصْمَةِ) أَيْ بِأَنْ رَآهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ تَزْنِي وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَآهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِهَا تَزْنِي فَالْحَدُّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ رَأَى فِيهَا) أَيْ أَوْ رَأَى بَعْدَهَا بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ: لَمْ يُلَاعِنْ أَيْ وَيُحَدُّ

(قَوْلُهُ: الَّذِي نَفَاهُ بِلِعَانٍ) أَيْ بِأَنْ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ فَقَطْ أَوْ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ مَعَ الرُّؤْيَةِ، وَأَمَّا إذَا لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ فَقَطْ ثُمَّ اسْتَلْحَقَ مَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُحَدُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَزْنِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ) أَيْ وَقَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلظَّرْفِ بَلْ وَكَذَا قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا لِعَانَ فِيهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَزْنِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ

(قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةِ الزَّانِي) يَعْنِي أَنَّ لِعَانَهُ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا وَعُورِضَ هَذَا بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَسَمَّى الزَّانِيَ بِهَا» ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ هِلَالًا حُدَّ مِنْ أَجْلِهِ فَأَجَابَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا الْحَدِيثُ، وَأَجَابَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الْمَقْذُوفَ لَمْ يَطْلُبْ حَقَّهُ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ اعْتَذَرَ عَنْهُ بِأَنَّ شَرِيكًا كَانَ يَهُودِيًّا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنْ الْحَدِّ لَهُ لِعَانُهُ لَهَا) وَهَذَا إذَا تَقَدَّمَ اللِّعَانُ أَمَّا لَوْ حُدَّ لِقَذْفِ فُلَانٍ أَوَّلًا سَقَطَ عَنْهُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ مَنْ حُدَّ لِقَذْفِ رَجُلٍ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ حَدٍّ ثَبَتَ مُوجِبُهُ قَبْلَهُ لِمَنْ قَامَ وَلِمَنْ لِمَ يَقُمْ (قَوْلُهُ وَأَعْلَمَ مَنْ سَمَّاهُ وُجُوبًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَدْبِهِ، وَالْوُجُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَاكِمِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِمَنْ عَلِمَ بِهِ مِنْ الْعُدُولِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَعْفُو لِإِرَادَةِ السِّتْرِ) أَيْ فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ اعْتَرَفَ فَلَا يُحَدُّ الزَّوْجُ، وَإِلَّا حُدَّ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقَاذِفِ إذَا أَرَادَ السِّتْرَ، وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْمَقْذُوفِ الْعَفْوُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ: لَا إنْ كَرَّرَ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي، أَوْ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْهُ وَلَاعَنَهَا لِذَلِكَ ثُمَّ رَمَاهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ أَوَّلًا مِنْ رُؤْيَةِ الزِّنَا أَوْ نَفْيِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لَهَا (قَوْلُهُ: بِأَمْرٍ آخَرَ) أَيْ كَأَنْ يَقْذِفَهَا أَوَّلًا بِأَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي، وَلَاعَنَ لِذَلِكَ ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا بِنَفْيِ النَّسَبِ كَأَنْ قَالَ لَهَا: لَسْت بِنْتًا لِفُلَانٍ فَيُحَدُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا هُوَ أَعَمُّ) كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ مَعَ فُلَانٍ أَوْ مَعَ رَجُلٍ ثُمَّ لَاعَنَهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهَا: أَنْت تَزْنِينَ مَعَ كُلِّ النَّاسِ فَيُحَدُّ لِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ وَهُوَ حَيٌّ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الْوَلَدُ الْمُسْتَلْحَقُ فَإِنَّ الْأَبَ يَرِثُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: لِلْمَيِّتِ) تَنَازَعَهُ كُلُّ مَنْ وَرِثَ وَالْمُسْتَلْحِقُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْعَارَ فِي الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>