للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُصَوَّرَةً بِقَوْلِهِ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إلَخْ وَلَوْ قَالَ: وَخَمَّسَ بِلَعْنَةُ اللَّهِ إلَخْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (أَوْ) يَقُولَ (إنْ كُنْت كَذَبْتهَا) أَيْ كَذَبْت عَلَيْهَا بَدَلَ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (وَأَشَارَ الْأَخْرَسُ) ذَكَرًا أَوْ أَثْنَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ كَتَبَ) مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ (وَشَهِدَتْ) الْمَرْأَةُ لِرَدِّ أَيْمَانِهِ بِأَنْ تَقُولَ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ (مَا رَآنِي أَزْنِي أَوْ) تَقُولُ فِي رَدِّهَا لِحَلِفِهِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ (مَا زَنَيْت) فَأَوْ لِلتَّفْصِيلِ لَا لِلتَّخْيِيرِ (أَوْ) تَقُولُ فِي أَيْمَانِهَا الْأَرْبَعِ (لَقَدْ كَذَبَ) أَيْ عَلَيَّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي وَقَوْلِهِ: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي (وَ) تَقُولُ (فِي الْخَامِسَةِ غَضِبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ) زَوْجُهَا (مِنْ الصَّادِقِينَ) وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ غَضَبَ بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَنَّ كَمَا فِي الْقُرْآنِ (وَوَجَبَ) شَرْطُ لَفْظِ (أَشْهَدُ) فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (وَاللَّعْنُ) فِي حَقِّ الرَّجُلِ (وَالْغَضَبُ) فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا مِمَّا رَادَفَهَا أَوْ أَبْدَلَ اللَّعْنَ بِالْغَضَبِ أَوْ عَكَسَهُ

(وَ) وَجَبَ إيقَاعُهُ (بِأَشْرَفِ) مَوَاضِعِ (الْبَلَدِ) كَالْجَامِعِ فَلَا يُقْبَلُ رِضَاهُمَا بِغَيْرِهِ

(وَ) وَجَبَ كَوْنُهُ (بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ) مِنْ الرِّجَالِ الْعُدُولِ

(وَنُدِبَ) كَوْنُهُ (إثْرَ صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ (وَتَخْوِيفُهُمَا) بِالْوَعْظِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ قَطْعًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُقِرَّ بِالْحَقِّ (وَخُصُوصًا) نَدْبَ الْوَعْظِ (عِنْدَ) الشُّرُوعِ فِي (الْخَامِسَةِ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا (وَ) نُدِبَ (الْقَوْلُ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (بِأَنَّهَا) أَيْ الْخَامِسَةَ (مُوجِبَةٌ الْعَذَابَ) عَلَى الْكَاذِبِ أَيْ سَبَبٌ فِي إنْزَالِ الْعَذَابِ مِنْ اللَّهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُتَعَلَّقُ وَصَلَ مَحْذُوفٌ أَيْ وَصَلَ شَهَادَاتِهِ الْأَرْبَعَ، وَقَوْلُهُ: خَامِسَتَهُ نُصِبَ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَقَوْلُهُ: بِلَعْنَةِ اللَّهِ إلَخْ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ، وَبِهَذَا وَافَقَ مَذْهَبَ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَارَ الْجَلَّابِ وَالْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ فِي الْخَامِسَةِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ (قَوْلُهُ: مُصَوَّرَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُصَوَّرَةً.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ إنْ كُنْت كَذَبْتهَا) أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى شَهَادَتِهِ بِاللِّعَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ أَيْ وَيُكَرِّرُ الْإِشَارَةَ أَوْ الْكِتَابَةَ كَاللَّفْظِ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَوْ لَاعَنَ الْأَخْرَسُ ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ وَلَوْ بِالْقُرْبِ لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِ وَلَوْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ بَعْدَ لِعَانِهِ وَلَوْ بِالْقُرْبِ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: اهـ عبق (قَوْلُهُ: لِرَدِّ أَيْمَانِهِ) أَيْ الَّتِي حَلَفَهَا عَلَى دَعْوَى رُؤْيَةِ الزِّنَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَا زَنَيْت إلَخْ) مَا هُنَا مُطَابِقٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَزَنَتْ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي كَمَا مَرَّ وَالْمُطَابِقُ لَهُ أَنْ تَقُولَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ أَوْ الْوَلَدَ مِنْك فَالْمُصَنِّفُ لَفَّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَمَشَى أَوَّلًا عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمَشَى هُنَا عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَقَدْ كَذَبَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ لَقَدْ كَذَبَ عَلَى ظَاهِرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا: كَذَبَ عَلَيَّ يَصْدُقُ بِكَذِبِهِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا اهـ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ احْتَرَزَ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ فِيهِمَا فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِكَذَبَ لَا بِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ تَقُولُ ذَلِكَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: غَضِبَ اللَّهُ) أَيْ بِغَيْرِ لَفْظِ أَنَّ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَقَوْلُهُ: غَضِبَ اللَّهُ إلَخْ يَصِحُّ قِرَاءَةُ غَضِبَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَبِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ فَعَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ تَكُونُ أَنَّ الْآتِي بِهَا قَبْلَ غَضِبَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُشَدَّدَةً وَأَمَّا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ فَتَكُونُ مُخَفَّفَةً.

(قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَنَّ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا الشَّرْطِيَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ زِيَادَةُ أَنَّ فِي كُلِّ مِنْ خَامِسَةِ الرَّجُلِ وَخَامِسَةِ الْمَرْأَةِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ لَا فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ فَقَطْ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا مِمَّا رَادَفَهَا) أَيْ كَإِبْدَالِ أَشْهَدُ بِأَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْدَلَ اللَّعْنَ بِالْغَضَبِ إلَخْ) إنَّمَا تَعَيَّنَ اللَّعْنُ فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ، وَالْغَضَبُ فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ، وَهِيَ الزَّوْجَةُ وَلِوَلَدِهِ الَّذِي نَفَاهُ بِاللِّعَانِ فَنَاسَبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ مَعْنَاهُ الْبَعْدُ، وَالْمَرْأَةُ مُغْضِبَةٌ لِزَوْجِهَا وَلِأَهْلِهَا وَلِرَبِّهَا فَنَاسَبَهَا ذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِالْغَضَبِ

(قَوْلُهُ: كَالْجَامِعِ) ظَاهِرُهُ أَيُّ جَامِعٍ كَانَ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِخَبَرِ «أَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُهَا إلَيْهِ أَسْوَاقُهَا» (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ رِضَاهُمَا بِغَيْرِهِ) أَيْ لِأَنَّ وُقُوعَهُ بِأَشْرَفِ مَوَاضِعِ الْبَلَدِ وَاجِبُ شَرْطٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْوِيفُ عَلَى الْمُلَاعِنِ وَلِلْمَوْضِعِ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَلِذَا كَانَ لِعَانُ النَّصْرَانِيَّةِ فِي كَنِيسَتِهَا وَالْيَهُودِيَّةِ فِي بَيْعَتِهَا وَالْمُرَادُ بِالْأَشْرَفِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِفِ

(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ كَوْنُهُ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَخَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِهِ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمْ كَمَا مَرَّ وَأَقَلُّ مَا تَظْهَرُ بِهِ تِلْكَ الشَّعِيرَةُ أَرْبَعَةٌ لَا أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ لِاحْتِمَالِ نُكُولِهَا أَوْ إقْرَارِهَا؛ لِأَنَّ النُّكُولَ وَالْإِقْرَارَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ اللَّقَانِيُّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُمَا لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ كَالرُّؤْيَةِ اهـ عَدَوِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الْعَصْرِ) أَيْ وَنُدِبَ كَوْنُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ بَلْ قَالَ سَحْنُونٌ: إنَّ كَوْنَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ تَجْتَمِعُ فِيهِ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَمَلَائِكَةُ اللَّيْلِ، وَلَا يُقَالُ: هَذَا الْقَدْرُ مَوْجُودٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ لِأَنَّا نَقُولُ: وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقْتُ نَوْمٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَتَخْوِيفُهُمَا بِالْوَعْظِ) بِأَنْ يُقَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: تُبْ إلَى اللَّهِ وَارْجِعْ عَمَّا تَدَّعِيهِ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا الْحَاصِلَ بِالْحَدِّ أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ التَّخْوِيفُ ابْتِدَاءً قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي اللِّعَانِ عِنْدَ الْأُولَى، وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي، وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّالِثَةِ، وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَخُصُوصًا) أَيْ وَأَخَصَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>