بِاللَّعْنَةِ أَوْ الْغَضَبِ عَلَى الْكَاذِبِ (وَفِي) وُجُوبِ (إعَادَتِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (إنْ بَدَأَتْ) لِتَقَعَ أَيْمَانُهَا بَعْدَهُ فَيَتَوَقَّفُ تَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ عَلَى إعَادَتِهَا، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فَيَتَأَبَّدُ بِلِعَانِهِ بَعْدَهَا (خِلَافٌ)
(وَلَاعَنَتْ الذِّمِّيَّةُ) يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً (بِكَنِيسَتِهَا) مُرَادُهُ بِهَا مَا يَشْمَلُ بَيْعَةَ الْيَهُودِيَّةِ (وَلَمْ تُجْبَرْ) عَلَى الِالْتِعَانِ بِكَنِيسَتِهَا إنْ أَبَتْ (وَإِنْ أَبَتْ) أَنْ تُلَاعِنَ (أُدِّبَتْ) وَلَا يُحَدُّ؛ إذْ لَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا لَمْ تُحَدَّ (وَرُدَّتْ) بَعْدَ تَأْدِيبِهَا (لِمِلَّتِهَا) أَيْ لِحُكَّامِهِمْ لِيَفْعَلُوا بِهَا مَا يَرَوْنَهُ عِنْدَهُمْ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ تَشْبِيهٌ فِي الْأَدَبِ (وَجَدْتهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ مُضْطَجِعَةً، أَوْ مُتَجَرِّدَةً (مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ) وَلَا بَيِّنَةَ وَلَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ حُدَّ (وَتَلَاعَنَا) مَعًا (إنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ) بِأَنْ قَالَ: زَنَتْ مَغْصُوبَةً (أَوْ وَطْءَ شُبْهَةٍ) بِأَنْ قَالَ وَطِئَهَا رَجُلٌ أَوْ فُلَانٌ وَظَنَّتْهُ إيَّايَ (وَأَنْكَرَتْهُ) أَيْ الْوَطْءَ فِي الصُّورَتَيْنِ بِأَنْ كَذَّبَتْهُ (أَوْ صَدَّقَتْهُ) فِيهِمَا (وَلَمْ يَثْبُتْ) بِبَيِّنَةٍ (وَلَمْ يَظْهَرْ) لِلنَّاسِ كَالْجِيرَانِ بِالْقَرَائِنِ (وَتَقُولُ) الزَّوْجَةُ إذَا صَدَّقَتْهُ وَتَلَاعَنَا (مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْتُ) وَأَمَّا إنْ كَذَّبَتْهُ فَتَقُولُ مَا زَنَيْت بِحَالٍ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْوَعْظَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ خُصُوصًا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْوَعْظِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِاللَّعْنَةِ أَوْ الْغَضَبِ) تَصْوِيرٌ لِلْعَذَابِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا إنْ بَدَأَتْ) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ الطَّالِبُ أَيْ الْمُدَّعِي قَبْلَ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) كَلَامُهُ يَقْتَضِيَ أَنَّهُمَا مَشْهُورَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ وَرَجَّحَهُ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا مُسْلِمًا أَوْ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلِلزَّوْجِ الْمُسْلِمِ الْحُضُورُ مَعَهَا فِي الْكَنِيسَةِ وَلَا تَدْخُلُ هِيَ الْمَسْجِدَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُجْبَرْ عَلَى الِالْتِعَانِ بِكَنِيسَتِهَا) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَهُ بِأَشْرَفِ الْبَلَدِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِفِ وَاجِبُ شَرْطٍ فَلَعَلَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى مَا مَرَّ أَنَّهَا تُجْبَرُ أَوْ يُقَالُ: الْمُرَادُ بِأَشْرَفِ الْبَلَدِ خُصُوصُ الْمَسْجِدِ وَوُجُوبُ كَوْنِهِ بِذَلِكَ الْإِشْرَافِ بِالنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أُدِّبَتْ) أَيْ لِإِهَانَتِهَا لِزَوْجِهَا وَإِدْخَالِهَا التَّلْبِيسَ فِي نَسَبِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُوطَأُ فَإِنَّهَا لَا تُلَاعِنْ بَلْ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ فَقَطْ، وَلَا تُؤَدَّبُ إنْ أَبَتْ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا لَا يُحَدُّ إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا (قَوْلُهُ: لِيَفْعَلُوا بِهَا مَا يَرَوْنَهُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ حَدَّهَا بِنُكُولِهَا أَوْ إقْرَارِهَا (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ فَيُؤَدَّبُ لِذَلِكَ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا يُلَاعِنُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ حُدَّ) قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي التَّعْرِيضِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَقْصِدُ الْإِذَايَةَ الْمَحْضَةَ، وَالزَّوْجُ قَدْ يُعْذَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِيَانَةِ النَّسَبِ اهـ بْن وَعَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ حَدِّ الْأَجْنَبِيِّ دُونَ الزَّوْجِ فَيُلْغَزُ وَيُقَالُ قَذْفٌ لِأَجْنَبِيَّةِ لَا يُحَدُّ فِيهِ الزَّوْجُ وَلَا لِعَانَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ قَذْفٍ لِأَجْنَبِيَّةِ فَفِيهِ الْحَدُّ عَلَى الزَّوْجِ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَجَوَابُهُ الْقَذْفُ بِالتَّعْرِيضِ فَإِنَّهُ إذَا صَدَرَ مِنْ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ أُدِّبَ فَقَطْ وَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ، وَإِنْ قَالَهُ شَخْصٌ لِأَجْنَبِيَّةٍ حُدَّ لَكِنْ سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْقَذْفِ مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْرِيضَ كَالصَّرِيحِ فَيُلَاعِنُ فِي كُلٍّ وَرَجَّحَ عج مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّهُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فَالْمَعْرُوفُ أَنَّ التَّعْرِيضَ لَيْسَ كَالصَّرِيحِ، وَجَعَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْخِلَافَ لَفْظِيًّا فَحَمَلَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ كَالصَّرِيحِ عَلَى التَّعْرِيضِ الْقَرِيبِ مِنْ التَّصْرِيحِ، وَحَمَلَ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَعْرُوفَ: إنَّ التَّعْرِيضَ لَيْسَ كَالصَّرِيحِ عَلَى التَّعْرِيضِ الْخَفِيِّ الْبَعِيدِ مِنْ الصَّرِيحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ صَدَّقْته فِيهِمَا) أَيْ صَدَّقْته عَلَى أَنَّهَا وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ) أَيْ الْغَصْبُ بِبَيِّنَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ إذَا صَدَّقْته) أَيْ عَلَى حُصُولِ الْغَضَبِ أَوْ الشُّبْهَةِ مَا زَنَيْت أَيْ تَقُولُ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت وَإِنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَتَقُولُ فِي خَامِسَتِهَا: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَيَقُولُ الزَّوْجُ فِي الْغَصْبِ لَقَدْ غُصِبَتْ وَفِي الِاشْتِبَاهِ لَقَدْ غُلِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ مُشْتَبِهَةً وَلَا يَحْلِفُ لَقَدْ زَنَيْتِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهَا غُصِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَثَمَرَةُ لِعَانِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ عَنْهُ وَثَمَرَةُ لِعَانِهَا نَفْيُ الْحَدِّ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا كَذَّبَتْهُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ الْغَصْبَ أَوْ الشُّبْهَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ) أَيْ سَوَاءٌ صَدَّقَتْهُ، أَوْ كَذَّبَتْهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تُلَاعِنْ كَانَتْ مُعْتَرِفَةً بِالْوَطْءِ غَصْبًا أَوْ شُبْهَةً وَمَنْ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ أَوْ الشُّبْهَةِ يُحَدُّ اهـ عَدَوِيٌّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَمَاهَا بِغَصْبٍ تَلَاعَنَا مُطْلَقًا صَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ فَإِنْ تَلَاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَقَبِلَهُ التُّونُسِيُّ وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ إذَا رَمَاهَا بِغَصْبٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يَلْتَعِنُ الزَّوْجُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ عَنْهُ وَلَا نَعْلَمُ لِرَجْمِهَا وَجْهًا إذَا لَمْ تَلْتَعِنْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ زِنًا وَإِنَّمَا أَثْبَتَ عَلَيْهَا غَصْبًا فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَثْبَتَتْ الْبَيِّنَةُ الْغَصْبَ وَلَوْ لَاعَنَتْ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَثْبَتَتْ بِالْتِعَانِهَا الْغَصْبَ وَتَصْدِيقَهُ، وَهَذَا خَارِجٌ عَمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي النُّكُولِ وَالْفِرَاقِ وَالْحَلِفِ وَقَبِلَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلُ اُنْظُرْ بْن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute