للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهَا هَلْ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ قِيَاسًا عَلَى مَنْ يَأْتِيهَا فِي عُمْرِهَا مَرَّةً أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الَّتِي تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ مَحْصُورَةٌ فِي مَسَائِلَ سَتَأْتِي لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَقِيلَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ كَمَنْ عَادَتُهَا كَالسَّنَةِ.

ثُمَّ إنْ جَاءَ وَقْتُ حَيْضِهَا بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ مَثَلًا وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَقْتَ مَجِيئِهَا حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّالِثَةَ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ حَيْضِهَا حَلَّتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَكَذَا نَصُّوا.

(أَوْ أَرْضَعَتْ) فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى السَّنَةِ مَا دَامَتْ تُرْضِعُ طَالَ أَوْ قَصُرَ فَإِنْ انْقَطَعَ الرَّضَاعُ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ حَتَّى أَتَتْ عَلَيْهَا سَنَةٌ مِنْ يَوْمَ قَطَعَتْ الرَّضَاعَ حَلَّتْ، وَالْأَمَةُ فِي السَّنَةِ كَالْحُرَّةِ.

(أَوْ) (اُسْتُحِيضَتْ وَ) قَدْ (مَيَّزَتْ) بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ بِرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ كَثْرَةٍ فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ.

(وَلِلزَّوْجِ) الْمُطَلِّقِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (انْتِزَاعُ وَلَدِ) الْمُطَلَّقَةِ (الْمُرْضِعِ) لِيَتَعَجَّلَ حَيْضَهَا (فِرَارًا مِنْ أَنْ تَرِثَهُ) إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَ غَيْرِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ آجَرَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِعِلْمِهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا (أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا) مَثَلًا (أَوْ رَابِعَةً) غَيْرَهَا (إذَا لَمْ يَضُرَّ) الِانْتِزَاعُ (بِالْوَلَدِ) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا وَلَا مَالَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَلَدِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا.

(وَإِنْ) (لَمْ تُمَيِّزْ) الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُطَلَّقَةُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ (أَوْ) (تَأَخَّرَ) حَيْضُ الْمُطَلَّقَةِ (بِلَا سَبَبٍ) أَصْلًا (أَوْ) بِسَبَبِ أَنَّهَا (مَرِضَتْ) قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا (تَرَبَّصَتْ) فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ (تِسْعَةً) مِنْ الْأَشْهُرِ اسْتِبْرَاءً لِزَوَالِ الرِّيبَةِ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْحَمْلِ غَالِبًا (ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ) وَحَلَّتْ بَعْدَ السَّنَةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَشُبِّهَ فِي الثَّلَاثَةِ قَوْلُهُ: (كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ) لِصِغَرٍ، وَهِيَ مُطِيقَةٌ أَوْ لِكَوْنِهَا لَمْ تَرَهُ أَصْلًا.

(وَ) عِدَّةُ (الْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ فَإِنَّهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ بِرِقٍّ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ إلَخْ (وَتُمِّمَ) الشَّهْرُ الْأَوَّلُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (مِنْ الرَّابِعِ فِي الْكَسْرِ) فَتَأْخُذُ مِنْ الرَّابِعِ أَيَّامًا بِقَدْرِ الْأَيَّامِ الَّتِي مَضَتْ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ ثُمَّ إنْ كَانَ كَامِلًا فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا زَادَتْ يَوْمًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَجَاءَ نَاقِصًا أَخَذَتْ مِنْ الرَّابِعِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَتَعْتَبِرُهُمَا بِالْأَهِلَّةِ مِنْ كَمَالٍ أَوْ نَقْصٍ كَالْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ فَجْرِهِ.

(وَلَغَا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ بَطَلَ فَلَمْ يُحْسَبْ (يَوْمُ الطَّلَاقِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: أَنَّهَا هَلْ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا بَيَّنَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ كَالْآيِسَةِ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ) وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَالصَّوَابُ أَنَّ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّاصِرِ نَقْلًا عَنْهُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَالسَّنَةِ) أَيْ كَمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَخَمْسِ سِنِينَ

(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْخَمْسِ سِنِينَ أَوْ تَمَامِ الْعَشْرِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَتَاهَا الدَّمُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَكَذَا نَصُّوا) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ يَتَأَخَّرُ حَيْضُهَا كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عِدَّتُهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ إنْ لَمْ تَحِضْ لِوَقْتِهَا، وَإِلَّا فَأَقْرَاؤُهَا وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَطَعَ الرَّضَاعُ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ) أَيْ إنْ أَتَاهَا الْحَيْضُ

(قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ انْتِزَاعُ إلَخْ) هَذَا إذَا تَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ أَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ حَيْضَهَا يَأْتِيهَا فِي زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ، وَلَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ أَجَلِ الرَّضَاعِ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ انْتِزَاعُهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ إضْرَارَهَا اهـ بْن

وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمُرْضِعَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَمَكَثَتْ سَنَةً لَمْ تَحِضْ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهَا وَلَدَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَمُوتَ فَتَرِثَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْوَلَدِ لِكَوْنِهِ يَقْبَلُ غَيْرَ أُمِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهَا وَإِذَا كَانَ لَهُ انْتِزَاعُهُ رَعْيًا لَحِقَ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَحْرَى لِحَقِّ نَفْسِهِ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ لِيَسْتَعْجِلَ حَيْضَهَا لِأَجْلِ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا أَوْ خَامِسَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: لِيَتَعَجَّلَ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَخْلُصَ مِنْ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْوَلَدِ) لَا يُقَالُ: إنَّ الْحَقَّ فِي الرَّضَاعِ لِلْأُمِّ إذَا طَلَبَتْهُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا عُذْرٌ يُسْقِطُ حَقَّهَا فِي إرْضَاعِهِ، وَأَمَّا حَضَانَتُهَا فَبَاقِيَةٌ، وَعَلَى الْأَبِ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِمَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا) تَصْوِيرٌ لِلْمَنْفِيِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَضَرَّ الِانْتِزَاعُ بِالْوَلَدِ لَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَتْ) مُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ أَنَّهَا كَالْمُرْضِعِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرْضِعَ قَادِرَةٌ عَلَى إزَالَةِ ذَلِكَ السَّبَبِ فَكَانَتْ قَادِرَةً عَلَى الْأَقْرَاءِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ فَإِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ السَّبَبِ فَأَشْبَهَتْ الْيَائِسَةَ، وَمِثْلُ تَأَخُّرِ الْحَيْضِ لِمَرَضٍ تَأَخُّرُهُ لِطَرِبَةٍ (قَوْلُهُ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً) وَتُعْتَبَرُ تِلْكَ التِّسْعَةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ) وَقِيلَ إنَّ السَّنَةَ كُلَّهَا عِدَّةٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ، إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ التَّأْبِيدِ بِتَزَوُّجِهَا فِي التِّسْعَةِ وَبِالتَّأْبِيدِ فِي تَزَوُّجِهَا بَعْدَهَا كَمَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِمَنْعِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالرَّجْعَةِ فِي التِّسْعَةِ وَإِبَاحَةِ ذَلِكَ بَعْدَهَا تَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي الثَّلَاثَةِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ أَشْهُرٍ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِرِقٍّ) مُقَابِلُ لَوْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَمَةَ الْمُسْتَحَاضَةَ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَاَلَّتِي تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>