الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَخَذَتْ مِنْ الرَّابِعِ يَوْمَيْنِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ نَاقِصًا، وَتَحِلُّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ يُلْغَى يَوْمُ الْمَوْتِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ.
(وَلَوْ) (حَاضَتْ) مَنْ تَرَبَّصَتْ سَنَةً (فِي) أَثْنَاءِ (السَّنَةِ) وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا (انْتَظَرَتْ) الْحَيْضَةَ (الثَّانِيَةَ) أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ، فَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةَ، وَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ حَلَّتْ مَكَانَهَا (وَ) إنْ رَأَتْ الْحَيْضَ فِيهَا وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ (الثَّالِثَةَ) أَيْ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ لَا دَمَ فِيهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَاكْتَفَتْ بِالثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَقْرَبِ الْأَجَلَيْنِ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ تَمَامِ السَّنَةِ.
(ثُمَّ إنْ) (احْتَاجَتْ) مَنْ تَرَبَّصَتْ سَنَةً (لِعِدَّةٍ) أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ (فَالثَّلَاثَةُ) الْأَشْهُرِ عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَرَ فِيهَا الدَّمَ، وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ أَيْ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ
وَلَمَّا كَانَ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ مُسَاوِيًا لِعِدَّتِهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ) عَلَى الْحُرَّةِ الْمُطِيقَةِ (إنْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ) بِغَلَطٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ إجْمَاعًا كَمُحَرَّمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ.
(وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ) زَوْجَتَهُ زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا مِمَّا ذُكِرَ أَيْ يَحْرُمُ إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا (وَلَا يَعْقِدُ) زَوْجٌ عَلَيْهَا زَمَنَهُ (أَوْ) (غَابَ) عَلَى الْحُرَّةِ (غَاصِبٌ أَوْ سَابٍ أَوْ مُشْتَرٍ) لَهَا جَهْلًا بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ فِسْقًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ مَظِنَّةُ الْوَطْءِ (وَلَا يُرْجَعُ لَهَا) أَيْ لِقَوْلِهَا فِي عَدَمِ الْوَطْءِ أَيْ لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْضَحَ.
وَقَوْلُهُ: (قَدْرُهَا) فَاعِلُ وَجَبَ أَيْ قَدْرُ الْعِدَّةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَالْمُرْتَابَةُ وَمَنْ مَعَهَا سَنَةٌ، وَالصَّغِيرَةُ وَالْيَائِسَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.
(وَفِي) إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي (إمْضَاءِ الْوَلِيِّ) الْغَيْرِ الْمُجْبَرِ نِكَاحَ مَنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهِيَ شَرِيفَةٌ، وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ اطَّلَعَ الْوَلِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَأَمْضَاهُ وَكَذَا سَفِيهٌ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَدَخَلَ فَأَمْضَاهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْعِلْمِ نَظَرًا لِفَسَادِ الْمَاءِ وَعَدَمِ إيجَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ (أَوْ) إيجَابِهِ فِي (فَسْخِهِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ طَرِبَةٍ عِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ شَهْرٌ وَنِصْفٌ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحَمْلَ لَمَّا كَانَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ قُلْنَا بِاشْتِرَاكِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي السَّنَةِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِهِمَا فِيهَا كَالْأَقْرَاءِ اهـ تَوْضِيحٌ
(قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ) صِفَةٌ لِلطَّلَاقِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْفَجْرِ حَسِبَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ الْأَشْهُرِ، وَقَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَيْ مِنْ الشَّهْرِ
(قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَقْرَبِ الْأَجَلَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَلَوْ مَضَتْ لَهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ
(قَوْلُهُ مُسَاوِيًا لِعِدَّتِهَا) أَيْ إلَّا فِي اللِّعَانِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا فَإِنَّ اسْتِبْرَاءَهَا فِي هَذِهِ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) أَيْ لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ كَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ عَالِمًا بِهَا أَمَّا إنْ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ لَا الِاسْتِبْرَاءُ كَنِكَاحِ الْمُحَرَّمِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ جَهْلًا بِذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ، وَقَدْ أَجْمَلَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لعبق التَّابِعِ لِابْنِ غَازِيٍّ وَالْحَقُّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ) أَيْ مِنْهُ قَبْلَ وَطْئِهَا بِالزِّنَا وَالشُّبْهَةِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ قِيلَ بِكَرَاهَةِ الْوَطْءِ، وَقِيلَ بِجَوَازِهِ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ ابْنُ يُونُسَ لَكِنْ فِي الْبَيَانِ أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي ظَاهِرَةِ الْحَمْلُ هُوَ التَّحْرِيمُ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَكَذَا فِي فَتَاوَى الْبُرْزُلِيِّ نَقْلًا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَفِي الْمِعْيَارِ أَخَّرَ نَوَازِلَ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْعُقْبَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُنْفَشُ الْحَمْلُ فَيَكُونُ قَدْ خَلَطَ مَاءَ غَيْرِهِ بِمَائِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَامِلَ إذَا زَنَتْ هَلْ يَجُوزُ لِزَوْجِهَا الَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الزِّنَا وَطْؤُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ أَوْ لَا يَجُوزُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْحُرْمَةِ أَمَّا لَوْ حَمَلَتْ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ غَصْبٍ لَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَعْقِدُ زَوْجٌ عَلَيْهَا زَمَنَهُ) أَيْ زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ مِمَّا ذُكِرَ إنْ كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ الْأَزْوَاجِ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَجَبَ فَسْخُهُ فَإِنْ انْضَمَّ لِلْعَقْدِ تَلَذُّذٌ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَذُّذُ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ كَانَ التَّلَذُّذُ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمُقَدِّمَاتِ، وَكَانَ التَّلَذُّذُ فِي زَمَنِهِ لَا بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَابَ غَاصِبٌ إلَخْ) أَيْ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا اهـ بْن
(قَوْلُهُ: فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ إنْ كَانَتْ حُرَّةً كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَيْ وَحَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ كَانَتْ أَمَةً، قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَإِذَا زَنَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ غُصِبَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْئِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً اُسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ اهـ بْن وَقَوْلُهُ: فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةٌ أَيْ وَلَوْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِرَضَاعٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُرْتَابَةُ أَيْ هِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ مَعَهَا أَيْ مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِمَرَضٍ وَبِلَا سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ كَالْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا تَأَخَّرَ لِطَرِبَةٍ
(قَوْلُهُ: وَفِي إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي إمْضَاءِ الْوَلِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ شَرِيفَةً وَوَكَّلَتْ رَجُلًا مِنْ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَقَدَ لَهَا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهَا الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبَرِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ اطَّلَعَ وَلِيُّهَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الطَّوْلِ فَأَجَازَ نِكَاحَهَا وَأَمْضَاهُ أَوْ أَنَّهُ فَسَخَهُ، وَأَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْءِ زَوْجِهَا الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ نَظَرًا لِفَسَادِ الْمَاءِ أَوْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ الْغَيْرِ الْمُجْبَرِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُجْبَرًا لَتَحَتَّمَ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِمْضَاءُ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ)