للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَرَادَ الزَّوْجُ تَزَوُّجَهَا بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ وَعَدَمُ إيجَابِهِ (تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِيجَابِ فِيهِمَا.

(وَاعْتَدَّتْ) الْمُطَلَّقَةُ (بِطُهْرِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (وَإِنْ لَحْظَةً) يَسِيرَةً بَلْ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ فَنَزَلَ الدَّمُ عَقِبَ النُّطْقِ بِالْقَافِ بِلَا فَصْلٍ حَسِبَتْهُ طُهْرًا (فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ حَيْضَةِ الثَّالِثَةِ) بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ أَيْ بِمُجَرَّدِ نُزُولِ الدَّمِ إنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِطَاعِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ (أَوْ) بِأَوَّلِ حَيْضَةِ (الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِكَحَيْضٍ) دَخَلَ النِّفَاسُ بِالْكَافِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ الطُّهْرُ الثَّالِثُ بِرُؤْيَةِ الرَّابِعَةِ وَرَتَّبَ عَلَى قَوْلِهِ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.

قَوْلُهُ (وَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ) الْعَقْدَ (بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ الدَّمِ فِي أَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ بَلْ تَصْبِرُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ أَوْ لَا يَنْبَغِي، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحِلِّهَا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَلْ الْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَحِلُّ لَا يُنَافِي النَّدْبَ (تَأْوِيلَانِ) الْأَظْهَرُ الْوِفَاقُ وَلَوْ قَالَ أَشْهَبُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَبْيَنَ.

(وَرَجَعَ فِي) (قَدْرِ الْحَيْضِ هُنَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ (هَلْ هُوَ يَوْمٌ) فَأَكْثَرُ فَلَا يَكْفِي بَعْضُ الْيَوْمِ (أَوْ) هُوَ (بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ بِأَنْ زَادَ عَلَى سَاعَةٍ فَلَكِيَّةٍ لَا مُطْلَقِ بَعْضِ الدَّمِ (لِلنِّسَاءِ) الْعَارِفَاتِ بِذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْحَيْضِ فِي النِّسَاءِ بِالنَّظَرِ إلَى الْبُلْدَانِ فَقَدْ يَكُونُ أَقَلُّهُ يَوْمًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ بِاعْتِبَارِ بِلَادِهِنَّ وَقَدْ يَكُونُ أَقَلُّهُ بَعْضَ يَوْمٍ عِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ بِاعْتِبَارِ بِلَادِهِنَّ أَيْضًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ هُنَا عَنْ بَابِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّ أَقَلَّهُ فِيهِ دَفْعَةٌ.

(وَ) رَجَعَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ الزَّوْجُ تَزَوُّجَهَا بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ فَسْخِ الْوَلِيِّ، فَإِنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) مُقْتَضَى نَقْلِ التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّهُمَا فِي الْفَسْخِ تَأْوِيلَانِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَنَسَبَ وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَدَمَهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِيهِمَا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِيجَابِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ

(قَوْلُهُ: بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَحْظَةً) إنْ قُلْت: يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْعِدَّةَ قُرْآنِ، وَبَعْضُ قَرْءٍ ثَالِثٍ وَقَدْ قَالَ الْمَوْلَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] قُلْت إطْلَاقُ الْجَمْعِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ شَائِعٌ قَالَ تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] مَعَ أَنَّهُ شَهْرَانِ، وَبَعْضُ ثَالِثٍ فَهُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ) أَيْ لِلْمُطَلَّقَةِ فِي طُهْرٍ (قَوْلُهُ: أَيْ بِمُجَرَّدِ) أَيْ أَنَّهَا تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ نُزُولِ الدَّمِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ نُزُولِهِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَتَّبَ عَلَى قَوْلِهِ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ قَوْلَهُ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ: وَهَلْ يَنْبَغِي إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِمَا مَعًا أَيْ عَلَى قَوْلِهِ: فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَعَلَى قَوْلِهِ أَوْ الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِكَحَيْضٍ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إذَا طَلُقَتْ فِي كَحَيْضٍ مِنْ كَوْنِهَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ النِّكَاحَ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِهَا عِنْدَ أَشْهَبَ

(قَوْلُهُ: وَهَلْ يَنْبَغِي إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْبِغَاءِ تَعْجِيلُ الْعَقْدِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَعَدَمُ انْبِغَاءِ تَعْجِيلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّأْوِيلَانِ بِالْوِفَاقِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ: تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَقَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِ الدَّمِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَجَّلَ النِّكَاحُ بِأَوَّلِ الدَّمِ، فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ نَدْبَ عَدَمِ التَّعْجِيلِ لَا يُنَافِي الْحِلِّيَّةَ بِأَوَّلِ الدَّمِ، أَوْ خِلَافٌ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ لِقَوْلِهِ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَى الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ وَلِذَا قِيلَ: صَوَابُ الْمُصَنِّفِ لَوْ قَالَ: وَفِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ، وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَصْبِرُ) أَيْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: تَحِلُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَقُولُ: بِنَدْبِ تَأْخِيرِ الْعَقْدِ حَتَّى يَمْضِيَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَإِنْ عَجَّلَتْ بِرُؤْيَتِهِ وَتَزَوَّجَتْ وَلَمْ يَنْقَطِعْ كَانَ تَزَوُّجُهَا وَاقِعًا بَعْدَ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ بَعْضُ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا وَاقِعًا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْسِبُ ذَلِكَ الدَّمَ حَيْضَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَوَاقِعًا بَعْدَ الْعِدَّةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي عِمْرَانَ كَمَا فِي ح

(قَوْلُهُ لِلنِّسَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَرَجَعَ إنْ قُلْت قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ يُعَارِضُ قَوْلَهُ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ مُقْتَضَى حِلِّهَا بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي قَدْرِهِ قُلْت: لَا مُعَارَضَةَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ مُجَرَّدَ رُؤْيَةِ أَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>