(فِي أَنَّ) (الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ أَوْ) الْمَقْطُوعَ (أُنْثَيَاهُ) هَلْ (يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوْ لَا) هَذَانِ ضَعِيفَانِ؛ إذْ الْحَقُّ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلُ سُؤَالُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ كَحُذَّاقِ الْأَطِبَّاءِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِسُؤَالِ النِّسَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً وَالرَّاجِحُ فِي الثَّانِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ أَحَدٍ.
(وَ) رَجَعَ فِي (مَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ) أَيْ الْمَشْكُوكُ فِي يَأْسِهَا وَهِيَ بِنْتُ الْخَمْسِينَ إلَى السَّبْعِينَ (هَلْ هُوَ حَيْضٌ) أَوْ لَا (لِلنِّسَاءِ) نَائِبُ فَاعِلِ رَجَعَ فَدَمُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ قَطْعًا، وَمَنْ بَلَغَتْ السَّبْعِينَ لَيْسَ بِحَيْضٍ قَطْعًا، فَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ فِيهِمَا (بِخِلَافِ) (الصَّغِيرَةِ) تَرَى الدَّمَ (إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا) كَبِنْتِ تِسْعٍ فَإِنَّهُ حَيْضٌ قَطْعًا وَلَا يُرْجَعُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ لَا بِنْتِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ فَمَا تَرَاهُ دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ.
(وَ) إذَا رَأَتْ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ الدَّمَ أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَشْهُرِهَا (انْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ) وَأَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ
وَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ هُنَا يُخَالِفُ الْحَيْضَ فِي الْعِبَادَةِ نَبَّهَ عَلَى اسْتِوَاءِ الطُّهْرِ فِي الْبَابَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَالطُّهْرُ) هُنَا (كَالْعِبَادَةِ) أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ.
(وَإِنْ) (أَتَتْ) مُعْتَدَّةٌ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ وَطْئِهِ عَنْهَا لَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ (لَحِقَ) الْوَلَدُ (بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيْثُ لَمْ تَتَزَوَّجْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الدَّمِ الثَّالِثِ كَافٍ فِي حِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ، فَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ، فَإِنْ قُلْنَ: إنَّ مِثْلَ هَذَا يَكُونُ حَيْضًا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَإِنْ قُلْنَ: إنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ حَيْضًا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا فِيهَا وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ سَابِقًا وَبَعْضُهُمْ تَأَوَّلَ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ السَّابِقَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّ الْحَيْضَ عِنْدَهُ فِي بَابِ الْعِدَّةِ كَهُوَ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ فَالْمُصَنِّفُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُنَا عَلَى قَوْلٍ آخَرَ
(قَوْلُهُ: فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ) أَيْ فَقَطْ أَيْ، وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُنْثَيَاهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَائِمُ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: هَذَانِ ضَعِيفَانِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ الْأَوَّلَ تَبِعَ فِيهِ الْمَوَّاقَ؛ إذْ نَقَلَ نَصَّ عِيَاضٍ فِي أَنَّ الرَّجُلَ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يَقُلْ لِلنِّسَاءِ وَأَجَابَ طفي بِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُهُنَّ، فَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ النِّسَاءُ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَعِيَاضٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ عِيَاضًا جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ خِلَافُ مَذْهَبِ الْكِتَابِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَعْرِفَةُ الْوِلَادَةِ وَهَذَا بَابُ النِّسَاءِ وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي فَتَبِعَ فِيهِ ح حَيْثُ اعْتَمَدَ قَوْلَ صَاحِبِ النُّكَتِ إذَا كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ فَلَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَجْبُوبَ الْخُصْيَتَيْنِ قَائِمَ الذَّكَرِ فَعَلَى امْرَأَتِهِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَطَأُ بِذَكَرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخُصْيَتَيْنِ فَهَذَا إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوَهُ حَفِظْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ اهـ قَالَ طفي: وَكَلَامُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ كَمَا تَقَدَّمَ اعْتَمَدَ هُنَا كَلَامَ عِيَاضٍ، وَنَصُّهُ: إذَا كَانَ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضِهِ، وَهُوَ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الذَّكَرِ فَهَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْكِلُ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ أَوْ بَعْضُهُ دُونَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ أُنْثَيَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الذَّكَرِ هَلْ يَنْسَلُّ وَيَنْزِلُ أَمْ لَا فَنَسَبَ الْمَسْأَلَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَرَى وَكَأَنَّ ح لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَعَلَى وُقُوفِهِ عَلَيْهِ فَلَا مُوجِبَ لِتَرْجِيحِ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: لِلنِّسَاءِ) الْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَيُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ بِشَرْطِ سَلَامَتِهَا مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهَا الْإِخْبَارُ لَا الشَّهَادَةُ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا رَأَتْ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ) أَيْ وَإِذَا رَأَتْ الصَّغِيرَةُ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ الدَّمَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَشْهُرِ إنْ قُلْتَ: إنَّ مُمْكِنَةَ الْحَيْضِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ لَا تَكُونُ صَغِيرَةً؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فَكَيْفَ يُسَمِّيهَا الْمُصَنِّفُ صَغِيرَةً قُلْت تَسْمِيَتُهَا صَغِيرَةً مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ اعْتِبَارُ مَا كَانَ
(قَوْلُهُ: أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ) أَيْ فَإِذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ تَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الطُّهْرِ، وَضَمَّتْهُ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الدَّمِ، وَلَا يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَحْظَةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ، وَهِيَ طَاهِرٌ وَبَقِيَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَحْظَةً مِنْ تَمَامِ نِصْفِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَتَاهَا الْحَيْضُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ وَحَاضَتْ عَقِبَهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَتْ مُعْتَدَّةٌ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ، وَمَفْهُومُ بَعْدَهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ قَبْلَ كَمَالِهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ نَكَحَتْ امْرَأَةٌ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ حَيْضَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَتَحْرُمُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ حَيْضَةٍ فَهُوَ لِلثَّانِي إنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمَ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: إذَا نَكَحَتْ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَنٍ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أُلْحِقَ بِالثَّانِي إنْ كَانَتْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ حَيْضَةٍ مِنْ الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَيَلْحَقَ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُهَا لِعَانٌ؛ لِأَنَّهُ نَفَاهُ إلَى فِرَاشٍ فَإِنْ نَفَاهُ الْأَوَّلُ وَلَاعَنَ أَيْضًا لَاعَنَتْ وَانْتَفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ حَيْضَةٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَيَلْحَقَ بِالثَّانِي وَتُلَاعِنَ هِيَ فَإِنْ نَفَاهُ الثَّانِي أَيْضًا وَلَاعَنَ وَلَاعَنَتْ انْتَفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا (قَوْلُهُ: لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) فَإِنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ