للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إلَّا الْوَضِيعَةَ) فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُمْ، وَكَذَا الشَّرِيفَةُ إنْ اشْتَرَطُوا عَلَيْهَا سُكْنَاهَا مَعَهُمْ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيهِمَا مَا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى عَوْرَاتِهَا (كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا) فَلِلْآخَرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُ (إنْ كَانَ لَهُ حَاضِنٌ) غَيْرُهُمَا يَحْضُنُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ حَالَ الْبِنَاءِ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يَبْنِيَ) أَحَدُهُمَا (وَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ (مَعَهُ) عَالِمٌ بِهِ الْآخَرُ وَأَرَادَ عَزْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ.

(وَقُدِّرَتْ) نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ (بِحَالِهِ) أَيْ بِحَسَبِ حَالِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا (مِنْ يَوْمٍ) أَيْ فِي يَوْمٍ فَتَكُونُ مُيَاوَمَةً كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَالْأُجَرَاءِ (أَوْ جُمُعَةٍ) كَبَعْضِ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ (أَوْ شَهْرٍ) كَأَرْبَابِ الْمَدَارِسِ وَالْمَسَاجِدِ وَبَعْضِ الْجُنْدِ وَخَدَمِهِمْ (أَوْ سَنَةٍ) كَأَرْبَابِ الرِّزْقِ وَالْبَسَاتِينِ.

(وَ) قُدِّرَتْ (الْكِسْوَةُ) فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ (بِالشِّتَاءِ) مَا يُنَاسِبُهُ (وَالصَّيْفِ) مَا يُنَاسِبُهُ إذَا لَمْ تُنَاسِبْ كِسْوَةُ كُلٍّ الْآخَرَ عَادَةً وَإِلَّا كَفَتْ وَاحِدَةٌ إذَا لَمْ تَخْلَقْ، وَكَذَا يُقَالُ: الْمُرَادُ كُلُّ شِتَاءٍ وَكُلُّ صَيْفٍ إنْ خَلَقَتْ كِسْوَةُ كُلٍّ فِي عَامِهَا فَإِنْ لَمْ تَخْلَقْ بِأَنْ كَانَتْ تَكْتَفِي بِهَا كَالْعَامِ الْأَوَّلِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ اكْتَفَتْ بِهَا إلَى أَنْ تَخْلَقَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ شِتَاءً وَصَيْفًا.

(وَضُمِنَتْ) النَّفَقَةُ الشَّامِلَةُ لِلْكِسْوَةِ (بِالْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ إذَا ضَاعَتْ مِنْهَا (مُطْلَقًا) مَاضِيَةً كَانَتْ أَوْ حَالَّةً أَوْ مُسْتَقْبَلَةً قَامَتْ عَلَى ضَيَاعِهَا بَيِّنَةٌ أَوْ لَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ لَا، فَرَّطَتْ فِي ضَيَاعِهَا أَوْ لَا (كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ) تَقْبِضُهَا الْحَاضِنَةُ لِتُنْفِقَهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي حَضَانَتِهَا فَتَضِيعَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَانْظُرْ هَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَ خَدَمِهِ وَجَوَارِيهِ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ وَطْءَ أَمَتِهِ، وَرُبَّمَا احْتَاجَ لِخِدْمَةِ أَرِقَّائِهِ كَذَا فِي خش وعبق قَالَ بْن: وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَ جَوَارِيهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا مُشَاجَرَةٌ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَعْلِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ عَدَمَ السُّكْنَى مَعَ أَهْلِهِ بِقَوْلِهِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الضَّرَرِ بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى أَمْرِهَا وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَسْتُرَهُ عَنْهُمْ مِنْ شَأْنِهَا وَقَدْ نُقِلَ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَسْكُنَ مَعَ الزَّوْجَةِ فَتَكُونَ الزَّوْجَةُ أَحْرَى بِالِامْتِنَاعِ مِنْ السُّكْنَى مَعَهَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ.

(قَوْلُهُ: إلَّا الْوَضِيعَةَ) أَيْ ذَاتَ الصَّدَاقِ الْقَلِيلِ وَكَذَا الشَّرِيفَةُ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهَا سُكْنَاهَا مَعَهُمْ أَيْ فَلَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الِامْتِنَاعُ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطَّلِعُوا إلَخْ أَيْ وَإِلَّا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِامْتِنَاعُ، وَمِثْلُ الِاطِّلَاعِ الْمَذْكُورِ ثُبُوتُ الضَّرَرِ بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُمَا السُّكْنَى مَعَ أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ضَرَرٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ، وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُ مِنْ الْمَنْزِلِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الْبِنَاءِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ عِنْدَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ إخْرَاجُهُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ أَيْ كَافِلٌ يَكْفُلُهُ وَإِلَّا فَلَا امْتِنَاعَ لِمَنْ لَيْسَ مَعَهُ الْوَلَدُ أَنْ يَسْكُنَ مَعَ الْوَلَدِ سَوَاءٌ حَصَلَ الْبِنَاءُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: وَقُدِّرَتْ بِحَالِهِ) أَيْ قُدِّرَ قَبْضُهَا أَيْ قُدِّرَ زَمَنُ قَبْضِهَا أَيْ قُدِّرَ الزَّمَنُ الَّذِي تُدْفَعُ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَضُمِنَتْ بِالْقَبْضِ وَقَوْلُهُ: بِحَالِهِ الْمُرَادُ بِالْحَالِ الطَّاقَةُ مِنْ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ يَوْمٍ بَيَانٌ لِحَالِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ إمَّا قَبْلَ حَالٍ أَيْ بِزَمَنِ حَالِهِ لِأَجْلِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ يَوْمٍ، وَإِمَّا قَبْلَ يَوْمٍ، وَيَكُونُ بَيَانًا لِحَالِهِ أَيْ مِنْ يُسْرِ يَوْمٍ وَعُسْرِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقَةً بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَتُدْفَعُ مِنْ يَوْمٍ أَيْ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ إلَخْ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَقُدِّرَتْ إلَخْ فِي غَيْرِ الْمَلِيءِ بِالْفِعْلِ، وَفِي قَوْلِهِ وَقُدِّرَتْ بِحَالِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يُقْضَى بِتَعْجِيلِ النَّفَقَةِ فِيهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِحَالِ الزَّوْجِ فَقَطْ، وَأَمَّا قَدْرُ النَّفَقَةِ وَجِنْسُهَا فَبِحَالِهِمَا كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ) أَيْ وَتَقْبِضُهَا مُعَجَّلَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَضُمِنَتْ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا فَتَقْبِضُ نَفَقَةَ الْيَوْمِ مِنْ أَوَّلِهِ وَالشَّهْرِ مِنْ أَوَّلِهِ وَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ وَالسَّنَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْحَالُ التَّعْجِيلَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَالُ التَّأْخِيرَ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ حَتَّى تَقْبِضَهَا وَلَا يَكُونُ عَدَمُ قُدْرَتِهِ الْآنَ عُسْرًا بِالنَّفَقَةِ

(قَوْلُهُ: بِالشِّتَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ فَصْلُهُ، وَمَا وَالَاهُ مِنْ فَصْلِ الرَّبِيعِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّيْفِ فَصْلُهُ وَمَا وَالَاهُ مِنْ فَصْلِ الْخَرِيفِ (قَوْلُهُ بِالشِّتَاءِ مَا يُنَاسِبُهُ) أَيْ مِنْ فَرْوٍ وَلِبْدٍ وَلِحَافٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُنَاسِبْ كِسْوَةُ كُلٍّ) أَيْ مِنْ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: إنْ خَلَقَتْ كِسْوَةُ كُلٍّ فِي عَامِهَا) اعْلَمْ أَنَّ مَا خَلَقَ مِنْ الْكِسْوَتَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْعُرْفِ مِنْ كَوْنِهِ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَهُوَ لِلزَّوْجِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَخْلَقْ) بِأَنْ كَانَتْ تَكْتَفِي بِهَا أَيْ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَثَلًا كَالِاكْتِفَاءِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ الشُّمُولُ لِمَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ أَوْ عَنْ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ، وَبِذَلِكَ قَرَّرَ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَهُ طفي وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ قَالَ السُّودَانِيُّ: وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَأَمَّا مَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَنْ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ فَإِنَّهَا تَضْمَنُهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَا فَهُوَ كَنَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ لَهَا قَبَضَتْهُ فَالْقَبْضُ لِحَقِّ نَفْسِهَا لَا لِلْغَيْرِ حَتَّى تَضْمَنَ ضَمَانَ الرِّهَانِ وَالْعَوَارِيّ وَارْتَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>