للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَضْمَنَهَا (إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ) مِنْ غَيْرِ سَبَبِهَا فَلَا تَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهَا لِحَقِّ نَفْسِهَا، وَلَا هِيَ مُتَمَحِّضَةٌ لِلْأَمَانَةِ بَلْ أَخَذَتْهَا لِحَقِّ الْمَحْضُونِ فَتَضْمَنُهَا كَالرِّهَانِ وَالْعَوَارِيّ، وَأَمَّا مَا قَبَضَتْهُ مِنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ فَالضَّمَانُ مِنْهَا مُطْلَقًا كَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْهَا لِحَقِّ نَفْسِهَا.

(وَيَجُوزُ) لِلزَّوْجِ (إعْطَاءُ الثَّمَنِ عَمَّا لَزِمَهُ) لِزَوْجَتِهِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

(وَ) يَجُوزُ لَهُ (الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِهِ) الَّذِي لَهُ عَلَيْهَا عَمَّا وَجَبَ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ إنْ كَانَ فَرَضَ ثَمَنًا أَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ (إلَّا لِضَرَرٍ) عَلَيْهَا بِالْمُقَاصَّةِ بِأَنْ تَكُونَ فَقِيرَةً يُخْشَى ضَيْعَتُهَا بِالْمُقَاصَّةِ.

(وَسَقَطَتْ) نَفَقَتُهَا (إنْ أَكَلَتْ مَعَهُ) وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً، وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ، فَإِذَا كَسَاهَا مَعَهُ فَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهَا (وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ الْأَكْلِ مَعَهُ وَتَطْلُبُ فَرْضَهَا أَوْ الْأَعْيَانَ لِتَأْكُلَ وَحْدَهَا.

(أَوْ) (مَنَعَتْ) زَوْجَهَا (الْوَطْءَ أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ) بِدُونِهِ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَنَعَتْهُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْمَنْعِ عِنْدَ التَّنَازُعِ.

(أَوْ) (خَرَجَتْ) مِنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ (بِلَا إذْنٍ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى رَدِّهَا بِنَفْسِهِ أَوْ رَسُولِهِ أَوْ حَاكِمٍ يُنْصِفُ أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهَا ابْتِدَاءً فَإِنْ قَدَرَ بِأَنْ خَرَجَتْ، وَهُوَ حَاضِرٌ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهَا لَمْ تَسْقُطْ؛ لِأَنَّهُ كَخُرُوجِهَا بِإِذْنِهِ (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) أَيْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَسْقُطْ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ لِلْحَمْلِ، وَكَذَا الرَّجْعِيَّةُ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ.

(أَوْ بَانَتْ) بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا أَيْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وبن هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ أَيْ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الرَّضَاعِ أُجْرَةٌ لَهَا حَقِيقَةً، وَلَيْسَتْ نَفَقَةً لِلْوَلَدِ وَحِينَئِذٍ فَتَضْمَنُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ ثَبَتَ ضَيَاعُهَا بِبَيِّنَةٍ كَنَفَقَتِهَا.

(قَوْلُهُ فَتَضْمَنُهَا) وَهَلْ يَرْجِعُ الْوَلَدُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْأَبِ، وَيَرْجِعُ الْأَبُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي

(قَوْلُهُ: عَمَّا لَزِمَهُ لِزَوْجَتِهِ) أَيْ نَفَقَةً لَهَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الزَّوْجِ الَّذِي يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ ابْتِدَاءً الْأَعْيَانُ لَكِنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَثْمَانَ إنْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِهَا، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ دَفْعِ الثَّمَنِ، وَلَوْ عَنْ طَعَامٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ غَيْبَتُهُ عَنْ الْبَائِعِ، وَكَوْنُهُ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ، وَهِيَ مَفْقُودَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ طَعَامَ الزَّوْجِ تَحْتَ يَدِهَا غَيْرُ غَائِبٍ عَنْهَا وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَزِيدَهَا إنْ غَلَا سِعْرُ الْأَعْيَانِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَتْ ثَمَنَهَا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ نَقَصَ سِعْرُهَا مَا لَمْ يَسْكُتْ مُدَّةً، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ اشْتَرَتْ الْأَعْيَانَ قَبْلَ غُلُوِّهَا أَوْ قَبْلَ الرُّخْصِ وَإِلَّا فَلَا يَزِيدُهَا شَيْئًا فِي الْأَوَّلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ فِي الثَّانِي اهـ تَقْرِيرِيٌّ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَيُفْرَضُ الْمَاءُ وَالزَّيْتُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِهِ) مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَإِلَّا وَجَبَتْ كَمَا يَأْتِي فِي الْمُقَاصَّةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ الصَّادِقَ بِالْوُجُوبِ

(قَوْلُهُ: إنْ أَكَلَتْ مَعَهُ) أَيْ فَإِذَا أَكَلَتْ مَعَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا مُدَّةَ أَكْلِهَا مَعَهُ وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً فَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَطَلَبَتْ الْفَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ عَنْهُ وَقُضِيَ لَهَا بِالْفَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً وَإِذَا طَلَبَتْ نَفَقَةَ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ وَادَّعَى أَنَّهَا أَكَلَتْ مَعَهُ فِيهَا صُدِّقَ الزَّوْجُ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا ذَكَرَهُ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا غَيْرَ مُقَرَّرَةٍ بِأَنْ كَانَتْ تَأْخُذُ مَا يَكْفِيهَا مِنْ الْقُوتِ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا كَسَفِيهَةٍ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَسَاهَا مَعَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا ثَمَنَهَا (قَوْلُهُ: وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) أَيْ مَا لَمْ تَلْتَزِمْ الْأَكْلَ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَنَعَتْ زَوْجَهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَكَلَتْ أَيْ سَقَطَتْ إنْ أَكَلَتْ أَوْ مَنَعَتْ زَوْجَهَا الْوَطْءَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا مَنَعَتْهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ حَيْثُ خَالَفَهَا الزَّوْجُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَرَضُ الَّذِي ادَّعَتْهُ فِي مَحَلٍّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ.

(قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَنَعَتْهُ فِيهِ) هَذَا هُوَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ وَاخْتَارَهَا الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمْ وَمُقَابِلُهَا أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِمَنْعِهَا لَهُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ الِاسْتِمْتَاعِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا وَعَدَمِ سُقُوطِهَا بِمَنْعِهَا لَهُ مِمَّا ذُكِرَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْمَنْعِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا تَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا، وَقَالَتْ: لَمْ أَمْنَعْهُ، وَإِنَّمَا الِامْتِنَاعُ مِنْهُ كَانَ الْقَوْلُ لَهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ النَّفَقَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْعَ مِمَّا ذُكِرَ إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ جِهَتِهَا بِأَنْ تُقِرَّ بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ عَلَى مَا يَظْهَرُ اهـ خش

(قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ إلَخْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا ظَالِمَةً لَا إنْ كَانَتْ مَظْلُومَةً، وَلَا حَاكِمَ يُنْصِفُهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ جَهْرًا، أَوْ خُفْيَةً لِمَكَانٍ مَعْلُومٍ، وَأَمَّا الْهَارِبَةُ خُفْيَةً لِمَكَانٍ مَجْهُولٍ، فَإِنَّ نَفَقَتَهَا تَسْقُطُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لَوْ عَلِمَ بِمَكَانِهَا اُنْظُرْ خش (قَوْلُهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهَا) أَيْ مِنْ الْخُرُوجِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِمَحَلِّهِ بَعْدَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>